عن «دار الطليعة» في بيروت وبالاشتراك مع «رابطة العقلانيين العرب» صدر كتاب لخالد غزال بعنوان «وجهاً لوجه مع الفكر الأصولي». يتطرق الكتاب الى المشترك بين الأصوليات الدينية وغير الدينية، متناولاً أربعة منها: الإصطفائية وامتلاك الحقيقة المطلقة واحتكارها، معاداة الديموقراطية ورفض الآخر واستخدام العنف، الماضي في وجه الحاضر، والمؤامرة واختراع العدو وسواها... ثم يعالج الأصوليات غير الدينية، كالأصولية الفاشية الهادفة الى التفوق العرقي الجرماني، والأصولية الشيوعية التي ترى خلاص المجتمع وتحرره من خلال هيمنة طبقة البروليتاريا على السلطة، والعلمانية الأصولية المرموز إليها بالعلمانية التي سادت في الدول الشيوعية سابقاً، وفي تركيا منذ عهد أتاتورك... وكذلك الأصولية العلمية التي ترى أنّ خلاص البشرية يكون بمقدار ترسخ العلم وسيطرته على المجالات الحياتية كافة. ويتطرّق الباحث الى الأصوليات الدينية المنتسبة الى الأديان التوحيدية: اليهودية والمسيحية والإسلام. ويرى أن الأصولية اليهودية وضعت التوراة في خدمة الحركة الصهيونية، واستندت الى الأساطير في تكريس المفاهيم الدينية لليهودية. أما الأصولية المسيحية، فقد شددت على الحق الإلهي في السلطة، وخاضت حروباً ونزاعات داخلية وخارجية من أجل الحفاظ على هذا الحق، فيما دعت الأصولية الإسلامية الى إعادة بناء الدولة الدينية على نمط الخلفاء الراشدين. ويتناول من ثم مفكرين مسلمين وعرباً صبّ نتاجهم الفكري، موضوعياً، في مقارعة الأصولية ومفاهيمها وأفكارها. وأدرج هؤلاء المفكرين على امتداد التاريخ الإسلامي، ففي الزمن الأول حتى العصر الوسيط، جرى التعريف بأفكار فرقة «المعتزلة» التي تمثل تاريخ العقلانية العربية المتعثرة. بعدها تناول بعض المفاهيم لدى ابن خلدون، خصوصاً ما يتصل منها بالنزعات العصبوية، بما هي نزعات راهنية في عصرنا. وفي مجال الفلسفة، عرّف الكاتب بأفكار الفيلسوف ابن باجه، الداعية الى الإيمان القائم على العقل. أما ابن رشد، فسعى الى تكريس العقلانية وإيلائها الموقع الأول إذا جرى تعارضها مع الدين، إضافة الى الموقع الذي احتله ابن رشد في إحلال العقل مواجهاً للظلامية والغيبيات. وفي بداية عصر النهضة، تناول المؤلف ما قدمه الشيخ علي عبدالرازق في كتابه «الإسلام وأصول الحكم» وشدد فيه على أن الإسلام رسالة ودين. أما طه حسين فقد مثل التنوير المعاق في المجتمعات العربية والإسلامية، بعد الضجة التي أثارها كتابه «في الشعر الجاهلي». ومثله انخرط الشاعر معروف الرصافي في مواجهة الفكر الأصولي. وفي السياق نفسه، كان كتاب محمد أحمد خلف الله: «الفن القصصي في القرآن الكريم» الذي سعى فيه الى إبراز المعنى الديني والأخلاقي للقصص القرآني. ومن المحدثين من المفكرين، تناول الكتاب آراء نصر حامد أبو زيد التي تسببت في تكفيره وتهجيره من بلده مصر. أما الكاتب الجزائري محمد أركون، فلا يزال منخرطاً في معركته النقدية. ويتناول الكتاب مساهمة الكاتب التونسي عبدالمجيد الشرفي في الحقل الفلسفي.