تبحث جهات اسرائيلية في سبل التعامل مع احتمال التوصل إلى تسوية روسية - أميركية يتفق فيها الطرفان على قضايا مركزية في الشرق الاوسط، أبرزها سبل احتواء البرنامج النووي الايراني والمسيرة السياسية مع الفلسطينيين والدول العربية. ويرى السفير الاسرائيلي السابق في روسيا، تسفي ماغين، ان تسوية كهذه ستضع اسرائيل امام واقع جديد مغاير للواقع الذي تعيشه منطقة الشرق الاوسط ومختلف بنوعية المشاكل وطرق حلها. ويقول: "إضافة إلى ذلك، فإن مشاركة روسيا في المسيرة السياسية في المنطقة، ستشكل ضغوطا اخرى على اسرائيل قد تضطرها الى التوصل إلى تسويات ضمن شروط، ربما لا ترضيها". وينطلق الاسرائيليون في توقعاتهم لهذه التسوية من الدور الذي تلعبه روسيا في المدة الاخيرة وجهودها لانشاء صورة جديدة لها تظهرها كوسيط ناجع قادر على تحقيق انجازات ومقبول من جميع الاطراف في المنطقة. ويتوقع الاسرائيليون ان تشمل التسوية، التي يناقشها الطرفان، تنازلات أميركية حيوية لروسيا تحسن مكانتها الدولية بشكل جوهري. وفي مقابل ذلك، يُفترض ان ترد روسيا على "السخاء الأميركي هذا"، بحسب تعبير الاسرائيليين، بتليين موقفها من البرنامج الذري الايراني، الى جانب التعاون على محاربة الارهاب. ويرى الاسرائيليون في التوصل إلى تسوية كهذه نجاحاً باهراً لروسيا سيساعدها على تثبيت نفسها في موقع جديد أفضل مما هي عليه اليوم، وسيساعدها في ذلك موضوعان بارزان: الاول يتعلق بالملف الايراني، ويمكّن روسيا من ان تحظى بأداة تأثير مهمة بفضل انضمامها الى ترتيبات تخصيب اليورانيوم، مع العلم ان انضمام روسيا الى تسوية مع الغرب سيكشف المعضلة الروسية المعروفة كاملة، ألا وهي الاختيار بين التعاون مع المجموعة الدولية وبين التعاون التام مع ايران وشريكاتها في "محور الشر". ويقول ماغين في هذا الجانب: "ما تزال روسيا ترى ايران شريكا مهما، كقوة اقليمية، وكزعيمة محتملة للعالم الاسلامي في المستقبل، وانها تستطيع، لكونها كذلك، تقديم اهداف روسية عالمية. ومن هنا تأتي صعوبة تطبيق المادة الايرانية من التسوية الأميركية – الروسية. وهذا الأمر هو ما يمنح الروس، بسبب السلوك الايراني المتقلب وبسبب المساومة الروسية المتشددة مع الأميركيين، يمنحهم شعورا بالأهمية الذاتية"، على رأي ماغين. اما الموضوع الثاني فمتوقع ان تحظى روسيا، وفقاً للتسوية المتحدَّث عنها، بمكانة جديدة محسّنة في كل ما يتعلق بالمسيرة السياسية في الشرق الاوسط. وسينعكس هذا الامر في مؤتمر موسكو للشرق الاوسط الذي سيشمل، كما قال وزير الخارجية الروسي لافروف، القنوات الاسرائيلية – الفلسطينية والسورية واللبنانية. ويقول ماغين ان هذين الموضوعين سيمنحان روسيا امتيازات نسبية في بناء مكانة مؤثرة في شؤون الشرق الاوسط، تشبه مكانة الولاياتالمتحدة. ويضيف :"اذا تحقق السيناريو المذكور، فاننا قد نواجه انقلاباً استراتيجياً في منطقتنا". وتقدر الجهات الاسرائيلية التي تناقش احتمال هذه التسوية المواضيع التي يبحث فها الطرفان بأن تشمل ما يلي: - تفاهمات متعلقة باتفاق تقليص التسلح الاستراتيجي. - تنازل أميركي عن النظام الدفاعي الصاروخي في اوروبا الشرقية. - تعاون لاحتواء البرنامج الذري الايراني، وضمناً نقل اليورانيوم للتخصيب في روسيا. - اشراك روسيا في نشاط سياسي في الشرق الاوسط، الى جانب الولاياتالمتحدة في جميع المسارات الرئيسة والتعبير عن ذلك بالاتفاق على عقد مؤتمر لشؤون الشرق الاوسط في موسكو. - اعتراف بمكانة روسيا في مجالات الاتحاد السوفياتي السابق. - مشاركة روسيا في نشاط حلف شمال الاطلسي. وفي هذا الجانب، يقول الاسرائيليون إن البحث جارٍ في مساعدة نقل جوي للولايات المتحدة في افغانستان، وتعاون في سياسة كبح جماح لكوريا الشمالية، ومشاركة روسية في خطة جديدة للامن الاوروبي. وإذا تحققت التسوية واتُفق على المواضيع المذكورة اعلاه، يتوقع تسفي ماغين ان تترك تسوية كهذه اثاراً مهمة على النظام الدولي، عموماً، والشرق الاوسط خصوصاً، في وقت تكون روسيا قد حظيت بنصر دبلوماسي يؤكد صحة الاستراتيجية الروسية في السنوات الاخيرة.