الرباط - رويترز - شاع ارتياح بين المستثمرين الأجانب ازاء إعادة تعيين مسؤول مؤيد للاستثمار الغربي على رأس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، إلا أن القلق من أن هيئة يسيطر عليها محافظون من الحرس القديم بدأت تُقلّص من سلطاته يحد من هذا الشعور بالارتياح. وأعيد تعيين شكري غانم - وهو رئيس سابق للوزراء وإصلاحي بارز في الدولة العضو في منظمة أوبك - رئيساً لمجلس ادارة المؤسسة الوطنية للنفط بعد أسابيع من تقارير أفادت بأنه استقال. ولم تؤكد الحكومة الليبية أبداً تنحيه إلا أنها عيّنت مسؤولاً تنفيذياً كبيراً قائماً بأعمال رئيس مجلس الإدارة وذلك بحسب موقعها على شبكة الانترنت. وأبلغ غانم «رويترز» في 26 تشرين الأول (اكتوبر) أنه عاد الى المنصب. وأشرف غانم على عملية تشديد شروط عقود مع شركات نفط في ليبيا لكن مسؤولين تنفيذيين أجانب يقولون إن الترتيبات الجديدة سهّلت التخطيط للمستقبل وعززت سمعة غانم كشريك ملائم في بلد دائماً ما يصعب التكهن بتحركاته. وأي علامة على أن ليبيا قد تغيّر أو تشدد قواعد الاستثمار ستكون أنباء سيئة لشركات كبرى مثل «بي . بي» و «اكسون موبيل» و «ايني» التي تضخ بلايين الدولارات في استثمارات في ليبيا بعد رفع العقوبات عنها. وقال محللون إن غانم استقال لأن الحكومة الليبية أعاقت بيع شركة التنقيب عن النفط الكندية «فيرينكس» لشركة صينية من أجل شراء «فيرينكس» بأقل من سعر السوق. وقال بن كاهيل مدير المخاطر البترولية لدى مؤسسة «بي . أف . سي انرجي» الاستشارية: «على رغم عودة غانم يبدو من الواضح أن رياح السياسة جاءت بعكس ما تشتهي شركات النفط العالمية الكبرى في العام الماضي وأن أصواتاً أخرى في ليبيا ستشكل جزءاً من المزيج السياسي». ويأتي الشراء القسري ل «فيرينكس» عقب سلسلة من الانتكاسات التي تنال من التفاؤل المبكر في شأن فرص الأعمال في ليبيا عقب إنهاء العقوبات. وأسست ليبيا أخيراً المجلس الأعلى لشؤون الطاقة الذي يخضع لهيمنة محافظين مقربين من رئيس الوزراء البغدادي علي المحمودي في ما يُشير الى أن الحرس القديم الذي يتمتع بنفوذ قوي في ليبيا يحاول الحد من سلطات غانم. ولا يزال النهج السياسي للمجلس غير واضح، غير أنه اذا تبنى دوراً نشطاً في صنع القرار فقد يزيد من إبطاء الوتيرة البطيئة جداً بالفعل للموافقة على مشروعات الطاقة، وهو الأمر الذي يصيب كثيراً من الشركات العالمية بالإحباط. وقال جون هاملتون من نشرة «افريكان انرجي»: «إذا سمح للمجلس بالوجود فعلياً فسيضعف غانم الذي سيتعين عليه محاربته. لكن ربما لا يكون له أي وجود (فعلي)». وربما يجد غانم في سيف الإسلام نجل الزعيم الليبي معمر القذافي حليفاً قوياً. وكان جهد سيف الإسلام في صدارة الجهود لرفع العقوبات عن بلاده. وأصبح سيف ثاني أقوى الشخصيات نفوذاً في ليبيا الشهر الماضي بتعيينه منسقاً لتجمع يضم القيادات القبلية والسياسية ورجال الأعمال، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام محلية. غير أنه بدا أن احتمالات إصلاح الاقتصاد الليبي المركزي الذي تهيمن عليه الدولة يسير في اتجاه عكسي مطلع العام الحالي مع خفوت نجم سيف الإسلام وتنامي منزلة شقيقه معتصم وهو شخصية محافظة وله حلفاء أقوياء في الجيش. وسلط الضوء على معتصم في نيسان (ابريل) عندما زار الولاياتالمتحدة بوصفه مستشاراً للأمن القومي الليبي وينظر اليه على أنه شخصية مؤثرة في المجلس الأعلى لشؤون الطاقة. وسيف الإسلام معروف أكثر في الخارج غير أنه يتمتع بتأييد أقل بين النخبة الحاكمة التي تساعد على إبقاء والده في السلطة. وقال هاملتون «وراء السؤال في شأن ما يمكن أن يفعله غانم يدور الجدل المعتاد في شأن التوجه السياسي الأساسي لليبيا». وعدم اليقين مخيب للآمال بالنسبة إلى الدول الأوروبية التي تأمل في أن تساعدها ليبيا - التي تملك أكبر احتياطات نفطية مؤكدة في افريقيا - في تنويع مواردها من الطاقة بعيداً من روسيا. ولم تسفر تراخيص الاستكشاف التي منحت في جولات بعد رفع العقوبات عن اكتشافات كبرى تذكر، كما أن تطوير مشروعات جديدة يسير ببطء.