انطلت «خرافة» الزئبق الأحمر الموجود في ماكينات الخياطة القديمة (ماركة سنجر) بحسب ما روّجه محتال أردني، في إحدى محافظات الأردن الشمالية على كثير من السعوديين، بعد أن انقادت فئة كبيرة منهم وراء القصة المكذوبة، لاهثين وراء «مفتاح الكنوز» كما يطلق السحرة والمشعوذون على المادة الحمراء. (راجع ص6) وفي الوقت الذي ذهب فيه سعوديون إلى البحث عن إحدى هذه الماكينات في مستودعاتهم وعند مسنّاتهم، تسابقت الإشاعات لتضخيم الأسعار التي وصلت إليها الماكينات المحتوية على الزئبق الأحمر، لتصل إلى 100 ألف ريال للماكينة الواحدة. في حين استغرب الناطق الإعلامي باسم شرطة منطقة الجوف العقيد دامان الدرعان من انتشار الإشاعة، مؤكداً أن شرطة المنطقة لم تسجل حالات بيع للماكينات المذكورة بتلك المبالغ الكبيرة. ورأى كتاب وباحثون اجتماعيون أن الإشاعات عادة ما تكون ضد أشخاص عاديين في المجتمع، ويمكن لها أن تدمر مجتمعات كاملة، مطالبين بمكافحتها بكل الطرق. ومنهم الناقد الدكتور أحمد إبراهيم الذي قال إن حياة الناس مملوءة بالأوهام والأكاذيب، إذ تفضل الطبيعة البشرية الرغبات على الحاجات، «وبالتالي تصبح الأوهام والأحلام أكثر سيطرة على الإنسان من المنطق والعقل، لأن الأوهام تعد الإنسان دوماً بحل رائع لمشكلاته لا يستند إلى منطق، أو يستلزم جهداً أو تعباً». وكانت مناطق عدة في شمال وشرق ووسط المملكة شهدت على مدى أكثر من يومين، ازدحاماً شديداً في الأسواق الشعبية (الحراج)، والتي عرضت فيها أعداد كبيرة من ماكينات الخياطة للبيع بأسعار جاوزت 100 ألف ريال. والطريف أن «وهم الزئبق» الذي غزا الأردن قبل السعودية بنحو شهر، انتشر من مجموعة محتالين قبل أعوام في مصر، استطاعوا الاستيلاء على أموال طائلة بالنصب على شخصيات متعلمة وثرية، حتى وصل الأمر إلى استغلال بعض رجال الدولة هناك، ما دفع أحد كتاب الدراما المصريين إلى كتابة مسلسل عن قصة الزئبق الأحمر بعنوان: «لما الثعلب فات»، قام ببطولته الفنانان محمود مرسي ويحيى الفخراني. لكن الاختلاف هذه المرة تمثل بأبطال المسلسل الذين كانوا سعوديين مثلوه على أرض الواقع، بعيداً عن تعقيدات الدراما وكواليس المخرجين!.