تمهّد منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، لعقد «قمة الجوع» في العاصمة الإيطالية روما، بين 16 و18 الشهر الجاري. فهي وجِّهت الدعوة إلى رؤساء الدول والحكومات، من أعضائها ال 192 لحضور القمِّة. وللمناسبة دعا المدير العام ل «فاو» جاك ضيوف، إلى إضرابٍ عالميّ عن الطعام لمدة يومٍ واحد السبت أو الأحد المقبلين، تعبيراً عن دعم حملة مُناهَضة الجوع المزمن. ولفت إلى أنه سيمتنع شخصياً عن الطعام لمدة 24 ساعة بدءاً من صباح السبت. وتؤكد إحصاءات المنظمة وجود بليون و20 مليوناً ممن يعيشون أوضاعاً من الجوع المزمن. ولفت ضيوف إلى أنه «على رغم الوعود المقطوعة، فإن إجراءاتٍ ملموسة لاجتثاث الجوع لم تُتَخَذ بعد، وفي غياب الإجراءات القوية في هذا الصدد لا يستبعد احتمال وقوع أزمةٍ غذاء عالمية أخرى». وأصدرت «فاو» تقريراً بعنوان «مساراتٌ وصولاً إلى النجاح»، يقدمه ضيوف كورقة عمل إلى القمة، يتحدث عن التقدّم المدهش الذي أحرزه 16 بلداً، أنجزت مشاريع تخفض عدد الجياع إلى النصف، بحلول 2015، أو تمضي في شّق طريقها بقوة لبلوغ هذا الهدف. وعلى رغم تصاعد الجوع العالمي فإن 31 بلداً من 79 رصدت «فاو» أوضاع الغذاء فيها، سجّلت منذ بداية تسعينات القرن الماضي، هبوطاً ذا دلالة في أعداد الذين ينقُصهم الغذاء الكافي. وسجّل في الوقت ذاته ازدياد عدد الجياع في العالم ليتجاوز البليون. وتَعرض ورقةُ العمل، تحليلاتٍ تفصيلية للعوامل الكامنة وراء النجاح الكلي لأربعة بلدان تمكّنت من تحقيق أبعد النتائج أثراً في خفض مستويات الجوع وهي أرمينيا، والبرازيل، ونيجيريا، وفيتنام. ويعتبر ضيوف أن ورقة العمل تتيح، «من خلال الأمثلة التي تُوردها»، بصيص أمل لإمكان الفوز في المعركة ضدّ الجوع. و «المطلوب التزامٌ جازم من حكومات البلدان النامية ذاتها، ودعمٌ قويّ من المجتمع الدولي». قواسم مشتَركة وتورد ورقة العمل أربعة قواسم مشتركة حققت النجاح في خفض مستويات الجوع على النحو الآتي: تهيّئة البيئة المواتية والترويج للنمو الاقتصادي ورفاه الفرد، الاستثمار في مساعدة فقراء الريف وشمول الفئات الأشد ضُعفاً، ضمان صون المكتسبات المتحققة وحمايتها من التهديدات، والتخطيط لمستقبلٍ يملك مقوِّمات الاستدامة. وبقدر ما يتعلّق الأمر بشمول الفئات الأشد ضُعفاً والاستثمار في مساعدة فقراء الريف، شَرعت الحكومة البرازيلية عام 2003 بتطبيق استراتيجيتها المعروفة لمحو الجوع. وعبّأت منظمات المجتمع المدني، والسلطات المحليّة لدعم الاستراتيجية التي تضمّنت تمويل تحويلاتٍ نقدية لدعم القوّة الشرائية للفقراء وفي دعم الاستثمار في الزراعة الأُسرّية. وكردّ فعلٍ لهذا النَهج نشط العرض والطلب، فعادا بالنفع على الجميع، وما لبث النقص الغذائي أن انحسر بسرعة». وفي نيجيريا ، نجح البرنامج الوطني للأمن الغذائي في مضاعفة معدلات الإنتاج ودخل صِغار المُزارعين الذين يعتمدون على الزراعة البَعلية، من خلال تأمين تقنيات للزراعة المحسّنة مكّنتهم من مناوبة محصولين أو حتى ثلاثة في السنة، عَوضاً عن محصولٍ واحد. حماية المُكتسبات وتَعرض ورقة العمل التي أعدتها «فاو»، حماية المكتسبات إبّان التهديد المُسلَّط من وباء «مرض مُتلازمة التنفس الحاد (سارس) على فيتنام، وكيف أعاد ذلك البلد الآسيوي تنظيم العمل في قطاع إنتاج الدواجن وعزز خدماته البيطرية للحيلولة دون أن يتمكّن الوباء وغيره من الأمراض المنقولة بواسطة الحيوان من التحوُّل إلى أوبئة بشرية خطيرة. وتمنح حكومة أرمينيا أولويةً عليا للاستثمار في النهوض بُنُظمها التحتيّة المُتردية لتوصيل المياه إذ يهدر نظام الري لديها 50 في المئة من كميات المياه المنقولة. وإلى جانب البلدان الأربعة ألقت ورقة العمل ضوءاً موازياً على الكيفيّات التي تمكّنت بها ثلاثة بلدانٌ نامية أخرى، هي الجزائر وملاوي وتركيا من تحويل قطاعاتها الزراعيّة إلى موارد قيّمة للدخل والتصدير والنمو على نحوٍ ساهم تِباعاً في خفض مستويات الجوع والفقر لديها، وعزز ضمان الإمدادات العالمية من الغذاء. واستنتج تقرير «فاو» أن واحداً من أفضل المسارات خروجاً من محنة الفقر والجوع في الريف وأكثرها جدوى اقتصادية، يتمثّل في دعم مُزارعي الحيازات الصُغرى، التي تشكل نحو 85 في المئة من المساحة الزراعية، بينما يُشكِّل مجموع مُزارعي الحيازات الصغرى وأسرهم بليوني نسمة أو ثلث سكان الكوكب. ومن بين الُبلدان التي طَرحت أمثلةً ناجحةً على تطوير نُهُجٍ مُبتكرة لتمكين صغار المزارعين ودعمهم بَرَز كلٌ من إندونيسيا والمكسيك وسيراليون.