تمكنت قناة «الفيحاء» خلال فترة وجيزة من انطلاقتها من حصد شعبية ملحوظة وسط قطاعات واسعة من المشاهدين العراقيين لتسليطها الضوء على قضايا الإنسان العراقي وحقوقه. وشيئاً فشيئاً ساهمت هذه القناة في تحريك مياه الإعلام التلفزيوني العراقي الذي كان يعيش بعيد سقوط النظام السابق صدمة الانتقال من إعلام شمولي أحادي إلى فضاء التعددية والسماوات المفتوحة، ما جعل «الفيحاء» التي تتخذ من كردستان العراق مقراً لها من أكثر القنوات العراقية إثارة للجدل والنقاش. «الحياة» حاورت المدير العام في القناة ومقدم برنامج «فضاء الحرية» الدكتور محمد الطائي وسألته ما إذا كان ممكناً مع التحسن الأمني انتقال «الفيحاء» من السليمانية إلى بغداد أو حتى البصرة؟ يقول: «موضوع الانتقال يشغل بالنا منذ فترة ونعد له ونضع الخطط، لكن ضعف الإمكانات يحول غالباً من دون ذلك خصوصاً مع انعدام الدعم الحكومي إدارياً أو مالياً. وهذا يعني أن الأمر مؤجل إلى حين إن بالنسبة الى البصرة وهي المفضلة أو بغداد لأهميتها. وعلى أية حال فتجربتنا غنية في كردستان وفيها تسهيلات إدارية أفضل بكثير من بغداد». هل تتعرض المحطة لأي ضغوط من سلطات الإقليم وهل يشعر أصحابها بأن الأكراد ينظرون اليهم كقناة عراقية تعنيهم أيضاً أم كقناة عربية؟ يجيب: «ليست هناك ضغوط من أحد، ونحن قناة مستقلة غير تابعة للحكومة أو لأي طرف سياسي. والأكراد على المستوى الشعبي محبون ومؤيدون لنا بسبب محتوى البرامج ودعمنا للحريات العراقية والعملية السياسية الجارية في العراق. وعلى الصعيد الرسمي فإن حكومة الإقليم لا تكترث كثيراً بالقنوات الصديقة بل تهتم بالقنوات المغرضة والمعادية لها وهذا يعني أن «الفيحاء» قناة عراقية صديقة للأكراد». لكن كيف يرد على من يتهمهم بالتقصير في تناول شؤون إقليم كردستان على رغم أن القناة على تماس مباشر بالمجتمع الكردي العراقي؟ يجيب: «أقول له ببساطة انك متابع غير جيد وأحيله لبرامجنا الحوارية التي نشاكس فيها ونحاجج بشدة أي طرف أو مسؤول يقصر في أداء عمله، إن في إقليم كردستان أو في الحكومة الاتحادية. وكان لدينا برنامج بالكردي يفتح فيه الميكروفون للمتصلين مباشرة ومن دون مونتاج، وبإمكانك مراجعة أرشيف «فضاء الحرية» لتجد أكثر من حلقة تحدثنا فيها بكل حرية عن أمور سياسية ساخنة». مع اقتراب الانتخابات العامة يلاحظ أن الفضائيات العراقية في معظمها تحولت إلى متاريس تحريض وتجييش الأمر الذي يعلق الطائي عليه قائلاً: «تنقسم الفضائيات إلى ثلاثة أقسام: الأول يشكل الغالبية منها، وهي القنوات الحزبية. بالتالي من الطبيعي أن نشاهد الدعاية للحزب الفلاني في هذه القناة أو تلك. أقول دعاية وليس إعلاماً إذ ثمة بون شاسع بين الدعاية والإعلام. والقسم الثاني فضائيات رسمية تلمّع رؤوس المسؤولين بالحكومة حتى لو كان هناك عاصفة سياسية ترابية في بغداد. والثالث هي الفضائيات المستقلة أو التي تدعي ذلك. وهي قليلة ويمكن أن تكتشفها من خبرها الأول كي تلاحظ الفارق بين الدعاية والإعلام. وهكذا لا تستغرب إن شاهدت التحريض بسبب أجندة الحزب الفلاني أو الحركة الفلانية أو متاريس التجييش بسبب الدعم من جهات خارجية». وحول اتهامهم بكونهم قناة ذات صبغة مذهبية واضحة يقول: «من يتهمنا بذلك تنظيم «القاعدة» وأتباع النظام السابق الذين ارتكبوا جرائم بحق العراقيين. وعلى رغم أنهم لم يقدموا دليلاً على ذلك إلا أنهم أرادوا بهذه التهمة استعداء جهة مذهبية معينة على «الفيحاء» فلم يفلحوا لسبب بسيط كونهم لا يمثلون أي مذهب والإسلام منهم براء. وثمة من استمعوا إلى هذه التهمة وصاروا يرددونها وعندما اقتنعوا بما كنا نقول حين اكتووا بنار الإرهاب غيروا وجهة نظرهم منا، لكنهم لم يعترفوا بخطئهم مدعين أننا تغيرنا. والحقيقة انهم تغيروا عندما انتقلوا من تبرير الإرهاب بحجة المقاومة إلى مساندة الدولة بينما ظلت «الفيحاء» على نهجها بمواجهة الإرهاب ومن يموله أو يبرره. ونحن قناة مستقلة غير تابعة لأي جهة مذهبية. إذ نؤمن بالدولة المدنية المتحضرة ولنا جمهور عريض ومحبون كثر حول العالم بسبب انفتاحنا على الجميع». وعن فضائية «صدام» المزمع اطلاقها ومدى تمكن الإعلام العراقي من التحرر من رواسب وتقاليد الحقبة الصدامية يقول: «على رغم استبعادي أن تحصل قناة «صدام» على إجازة للبث بهذا الإسم إلا أنها لن تكون قناة عراقية بل قناة مشبوهة تتحدث عن أمجاد صدام حسين على رغم انه دمر العراق واعتدى على دول الجوار. حينها ستضاف مهمة جديدة على عاتق «الفيحاء» على رغم إمكاناتها المتواضعة لمواجهة هذه القناة التي ستعج بالشعارات الفارغة إياها عن «دحر الإمبريالية» و «الاستكبار العالمي» التي شبع منها العراقيون. ويقيناً أن الإعلام العراقي لم يتحرر بعد من رواسب الحقبة الماضية فما زال عدد غير قليل من الإعلاميين يفكرون بالطرق البالية نفسها ويستخدمون بعض المصطلحات الإعلامية لحقبة صدام. كما أن بعضهم لم يغيّر من طريقته في التعامل مع المسؤولين في الحكومة معتبرين إياهم أولياء نعمتهم متناسين وظيفتهم الأساسية كإعلاميين وهي تقديم المعلومة الحقيقية وليس المفبركة أو المزيفة». وإلى جانب إدارة القناة يقدم الطائي برامج أبرزها «فضاء الحرية»، فأين يجد نفسه أكثر مذيعاً أم مديراً يرد: «اعمل يومياً قرابة 15 الى 16 ساعة، وأتواصل خلالها مع قسم الأخبار ومع مكاتبنا في المحافظات، إضافة إلى متابعة محتوى البرامج وتنفيذ إعلاناتها ودعاياتها، فضلاً عن برنامجي اليومي «فضاء الحرية» الذي قلصته إلى 4 حلقات في الأسبوع كي أتابع بقية برامج القناة وألبي أعباء الإدارة وأجد فرصة للقراءة وممارسة الرياضة... علماً أنني اعشق «فضاء الحرية» بخاصة عندما يكون مع الناس فنتحدث عن همومنا العراقية التي آمل بأن تنتهي قريباً».