طغى الاعتداء على الجيش اللبناني في البقاع، حيث استشهد 4 عسكريين قبل ظهر أمس، على ما عداه من أحداث في لبنان بسبب خطورة ثأر مسلحين من الجيش لتمكنه من قتل أحد كبار المطلوبين بجرائم عدة وبتجارة المخدرات قبل زهاء شهر، عبر استهداف سيارات للجيش ما أدى الى استشهاد العسكريين الأربعة. في موازاة ذلك، أكد مجلس الوزراء السعودي خلال جلسته العادية التي عُقدت في الرياض أمس برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أهمية أمن لبنان واستقراره وسلامته، داعياً جميع الفرقاء اللبنانيين إلى تهيئة الأجواء الملائمة لإجراء الانتخابات النيابية المقبلة بشكل سلمي، وفق أحكام الدستور اللبناني واتفاق الطائف بعيداً عن أي ضغوط. وصرف الاعتداء على الجيش الوسط السياسي عن قضايا عدة مهمة، أبرزها إحياء الذكرى ال34 للحرب اللبنانية، والاهتمام بأنباء التحالفات واللوائح الانتخابية، وبردود الفعل على اتهامات نيابية أمن الدولة المصرية لعناصر «حزب الله» بالتحضير لأعمال أمنية على الأراضي المصرية وانطلاقاً منها والحملة السياسية الإعلامية المصرية على الحزب. فما ان انتصف نهار أمس الذي صادف اليوم الثاني لعطلة عيد الفصح المجيد لدى الطوائف المسيحية الغربية حتى أُعلن نبأ الاعتداء الدموي من مسلحين كانوا يستقلون سيارة جيب سوداء وأخرى رمادية، كمنوا زهاء الحادية عشرة قبل الظهر على الطريق العام بين بلدة تمنين ومدينة بعلبك في البقاع وأطلقوا قذيفة من نوع «إنيرغا» على جيب عسكري، اتبعوها بوابل من الرصاص، ما أدى الى استشهاد العسكريين الأربعة وجرح ضابط تردد أنه برتبة نقيب بإصابات خطرة. (راجع ص 6 و7) وأعقب الحادث سماع إطلاق نار كثيف في حي الشراونة عند المدخل الشمالي الغربي لمدينة بعلبك (على بعد 20 كيلومتراً من مكان الجريمة) وهو حي يقطنه آل جعفر، الذين أشارت وسائل إعلامية الى أن المسلحين ينتمون اليهم وأنهم ثأروا على الطريقة العشائرية لقتل الجيش كلاً من علي عباس جعفر وعلي محمد صبحي جعفر، في 15 آذار (مارس) الماضي. وصدر بيان عن عشيرة آل جعفر نفى الأخبار عن «إطلاق النار في حي الشراونة هو للابتهاج باستشهاد عناصر الجيش». وحذر أن آل جعفر من «بث هذه الشائعات التي تحرض على مزيد من سفك الدماء. وأشار البيان الى أن الأمور «ستأخذ مجراها القانوني». وطلب رئيس الجمهورية ميشال سليمان من قائد الجيش العماد جان قهوجي عدم التهاون مع المجرمين مهما كان الثمن وطلب رئيس البرلمان نبيه بري إلقاء القبض عليهم وطالب «أهلنا في البقاع برفض الانجرار خلف المسيئين». وشدد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة على وجوب تطبيق القانون. وصدر سيل من التعليقات السياسية على الجريمة أكدت دعم القوى السياسية المختلفة للجيش، فيما دعا «حزب الله» الى محاسبة المرتكبين. كذلك فعل زعيم تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري، رافضاً إضعاف مؤسسات الدولة. وعزز الجيش وحداته في البقاع. وأقام حواجز على طريق رياق بعلبك، بدءاً من منطقة شتورا في البقاع الأوسط، فيما حلقت مروحيات عند سفوح سلسلة جبال لبنان الشرقية لمحاولة رصد الأماكن التي يمكن أن يكون هرب إليها المجرمون. وطوق الجيش بعض المناطق ومنها حي الشراونة في بعلبك ومفترقات الطرق الى إيعات والدار الواسعة في البقاع الشمالي، لمطاردة الفاعلين الذين تردد أن أسماء واحد أو أكثر منهم معروفة. وجرت اتصالات بين ضباط من الجيش ووجهاء بعض العشائر ودخل بعضهم الى حي الشراونة، الذي تردد أن الجيش داهم لاحقاً بعض المنازل فيه. وطلب الجيش رفع الغطاء من العشائر عن المجرمين إما بتسليمهم أو مطاردتهم والقبض عليهم، خصوصاً أن قيادته تعتبر الحادث الأخطر ضد الجيش في البقاع. وكانت بيروت شهدت، على رغم انغماس السياسيين والمسؤولين بالحملات الانتخابية وترقب صوغ عدد من اللوائح الائتلافية التي تشهد صعوبات، مناسبتين لإحياء ذكرى انطلاق الحرب الأهلية في 13 نيسان (ابريل) 1975. وأقام القيّمون على «حركة ذاكرة للغد» احتفالاً للإعلان عن إقامة نصب تذكاري لضحايا الحرب اللبنانية الذين لم يعرف عددهم الدقيق بعد، في وسط بيروت، وحضر الاحتفال ممثلون عن الرؤساء الثلاثة، فيما أقامت «جمعية فرح العطاء» احتفالاً عند درج المتحف الوطني وجال شبان وفتية منها على سياسيين ليوقعوا «عريضة السلام». أما على الصعيد الانتخابي فقد واصل الحريري أمس جهوده لتذليل العقبات من أمام إعلان اللوائح المتفق عليها. واستمر التواصل بين الحريري وقيادة «الجماعة الإسلامية». وعلمت «الحياة» أنه جرى تثبيت التحالف بين تيار «المستقبل» والجماعة في دائرة بيروت الثالثة التي ستضم لائحة الأكثرية فيها الدكتور عماد الحوت من «الجماعة»، فيما سيصعب على تيار «المستقبل» في المقابل التعاون مع مرشح «الجماعة» في الضنية أسعد هرموش. وتواصل السجال حول ما بعد الانتخابات النيابية والحكومة التي ستليها، ورد النائب محمد قباني (تيار المستقبل) على قول «حزب الله» أن اتفاق الدوحة سينظم العلاقة بين الأكثرية والأقلية وفي المؤسسات بعدها (أي يعطي الأقلية الثلث المعطل في الحكومة) فقال إن اتفاق الدوحة «موقت ولمرة واحدة فقط»، مؤكداً على الالتزام باتفاق الطائف. وفي المقابل كرر رئيس كتلة نواب «حزب الله» النائب محمد رعد اتهام فريق 14 آذار بأنه «يخوض الانتخابات على أساس التفرّد والاستئثار وأن من يربح الأكثرية العادية يستطيع أن يقرر مصير الوطن، نؤمن بأن هذا البلد لا يحكم من فريق، ويحتاج الى توافق في كل شيء، على الأقل في القضايا الأساسية الكبرى».