من أهم الظواهر الاجتماعية التي تلفت نظر من يعيش في المملكة العربية السعودية أن القرارات التي اتخذها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود منذ أن آلت إليه ولاية الأمر تحظى بقبول حسن من عامة الناس – بل خاصتهم – ويستبشرون بها خيراً، وتفسير هذا الأمر لا يحتاج إلى التعمق في علوم السياسة، أو التصنع من علوم الاجتماع، لأن تلك القرارات تمتاز بأمرين ظاهرين للجميع: أولهما: أنها قريبة من الناس، تلامس حاجاتهم وهمومهم، وتتصل بمصالحهم. الأمر الثاني: أنها واضحة في مغزاها، صريحة في فحواها، مباشرة في مؤداها، وفهم كونها كذلك لا يتطلب - أيضاً – كبير عناء، لأنها تعكس شخصية هذا الملك الإنسان، وتمثل طبيعته وسجيته، أما كونها قريبة من عامة الناس فانعكاس لقربه الحسي والمعنوي من المواطنين، كبيرهم وصغيرهم، قرباً يندر أن تجد له نظيراً، وأما وضوحها وصراحتها فتمثيل لشخصيته العربية، وإنسانيته المسلمة، فتجده يعبر عما يعتقده، ويؤمن به بكل وضوح وصراحة ومباشرة، ومن أراد الدليل على ذلك فليرجع إلى مواقفه في المؤتمرات العالمية، وخطبه في القمم العربية، وكلماته في المجالس المحلية. ومن تلكم القرارات التي يصدق عليها ما تقدم أتم صدق، قرار تعيين الدكتور علي بن سليمان العطية نائباً لوزير التعليم العالي بالمرتبة الممتازة، فقد تلقى العامة والخاصة، حتى من غير السعوديين، هذا القرار بالرضا التام، وتقبلوه بقبول حسن، وأكد لهم أن هذا الملك القائد على اطلاع تام، ومعرفة كاملة بقدرات مواطنيه، ومؤهلات رجاله، فهو يضع الرجل المناسب في المكان المناسب وفي الوقت المناسب، أخذاً من قول الله تعالى: (إن خير من استأجرت القوي الأمين). الدكتور علي العطية – كما يعرفه كل من تعامل معه – يتسم بصفات عدة تجعله أهلاً للثقة التي أولاه إياها قائد البلاد ومن تلكم الصفات: أولاً: القوة العلمية، والكفاية المعرفية، فالرجل على علم واسع بالأنظمة الإدارية، وإلمام كامل باللوائح سواء من حيث مضمونها، أو من حيث تفسيرها، وتواريخ صدورها، وما دخل عليها من تعديلات، على نحو يثير الإعجاب – كما يعرفه من ناقشه ودارسه – ومرد ذلك أن تخصصه في الأنظمة في مرحلة الماجستير، ثم أكمل ذلك في مرحلة الدكتوراه، بتناوله النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية، وبيان معالم السياسة الشرعية فيه على نحو لم يسبق إليه. ثانياً: الإخلاص في خدمة دينه وأمته ووطنه، وبذل الجهد في عمله، واستفراغ الوسع في أداء مسؤولياته، فمع كثرة أعبائه، وتعدد مسؤولياته، وتنوع مهماته، تجده يقوم بها على أكمل الوجوه الممكنة، لإدراكه جسامة المسؤولية الملقاة على عاتقه، وعظم الأمانة التي حمله إياها ولي الأمر، ولعلمه أن كل راعٍ مسؤول أمام الله – تعالى – عما استرعي عليه. ثالثاً: حسن أخلاقه، وجموم أدبه، ودماثه تعامله، فهو موطأ الأكناف، يألف ويؤلف، وأول ما يسترعي نظر من يقابله هو تواضعه الجم، وحسن إقباله على من يحدثه، وجميل إنصاته واستماعه، وحياؤه أن يرد أحد من المراجعين خائباً، الأمر الذي حببه إلى الناس، حتى كأنه المعني بقول الشاعر: وجه عليه من الحياء سكينة ومحبة تجري مع الأنفاس وإذا أحب الله يوماً عبده ألقى عليه محبة للناس