رام الله - أ ف ب - بعد خمسة أعوام على رحيله، لا تزال ذكرى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات حية في قلوب الفلسطينيين الذين يكاد لا يمر يوم إلا ويتذكرون فيه «رمز الثورة الفلسطينية» ويحنّون إلى الوحدة التي سقطت بعد وفاته. ويقول ناصر إسماعيل (52 سنة) من قرية طلوزة في الضفة الغربية بعد أن قرأ الفاتحة على ضريح الرئيس الراحل إن «الرئيس عرفات هو رمز الثورة الفلسطينية، ولا يمكن لي أن أصل إلى مدينة رام الله من دون أن أتوجه لقراءة الفاتحة عند الضريح». ويؤكد أن كثيرين من سكان قريته التي تبعد عن ضريح عرفات نحو 50 كلم ينظمون رحلات عند كل مناسبة وطنية أو دينية لزيارة الضريح. ويحيي الفلسطينيون اليوم الذكرى السنوية الخامسة لوفاة «أبو عمار»، بمهرجان كبير قرب ضريحه في «المقاطعة» مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله. ومنذ تشييد الضريح، أضحى المكان مزاراً للفلسطينيين من كل أنحاء الضفة، لما يعنيه الزعيم الراحل بالنسبة إليهم. وقال عدد من رجال الأمن المكلفين حراسة الضريح إنه لا يكاد يمر يوم من دون أن يتوافد عشرات الفلسطينيين لزيارته، خصوصاً في المساء. وقال أحدهم إن «زيارة الضريح لا ترتبط فقط بحلول الذكرى السنوية لرحيله. هناك فلسطينيون كانوا يأتون لزيارة الضريح عند ساعات الفجر الأولى لقراءة الفاتحة». وتوفي عرفات في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2004 عن 75 سنة في أحد المستشفيات الفرنسية. ووجهت أوساط فلسطينية عدة أصابع الاتهام إلى إسرائيل بتسميم عرفات بعد أن عجزت عن قتله عسكرياً، إلا أن الدولة العبرية نفت أي علاقة لها بموته. وكانت إسرائيل فرضت حصاراً مشدداً على عرفات في «مقر المقاطعة» لمدة ثلاث سنوات، قبل أن يصيبه مرض غامض أدى إلى وفاته. ويؤكد الشاب مفيد الحروب الذي جاء من بلدة دورا في مدينة الخليل، أنه يأتي لزيارة الضريح ما بين ست إلى سبع مرات شهرياً. ويقول: «الرئيس عرفات هو رمز لنا ولتاريخنا، لذلك أنا أزوره كلما أصل إلى رام الله». وشكل أبو عمار، منذ تزعمه حركة «فتح» ومنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1969 وحتى وفاته مرورا بترؤسه السلطة الفلسطينية، رمز القضية ووحدة الشعب بمختلف فصائله، غير أنه بعد وفاته استحكم الانقسام بين «فتح» و «حماس»، إثر سيطرة الأخيرة بالقوة على قطاع غزة في حزيران (يونيو) 2007. ولا تقتصر زيارة الضريح على الفلسطينيين فقط، بل يزوره سياح أجانب من مختلف أنحاء العالم. وبين هؤلاء زوجان فنلنديان راحا يلتقطان الصور عند الضريح. وقالت الزوجة ايفيلينا: «هذه أول مرة نصل فيها إلى رام الله، لقد جئنا لزيارة ضريح عرفات لأنه كان زعيماً معروفاً في العالم أجمع... عرفات شخصية تاريخية مهمة ومعروفة في أوروبا». وانشئ ضريح عرفات بعد عامين على وفاته، على نفقة السلطة الفلسطينية وبتكلفة بلغت نحو 900 ألف دولار. وبني الضريح محاطاً ببركة ماء، ليبدو وكأنه عائماً على الماء أي غير ثابت في مكانه وبالتالي يمكن نقله إلى مدينة القدس يوماً ما تنفيذاً لوصية عرفات. ووضعت إلى جانب جثمان عرفات حفنة من تراب القدس. وإلى جانب الضريح، بني جامع حمل اسم الزعيم الراحل، ترتفع منه مئذنة شاهقة ثبتت عليها عين ضوئية كان من المفترض أن تطلق اشعة ليزر باتجاه مدينة القدس. وإضافة إلى الضريح، أعلن عن مشروع لإقامة متحف يحوي كل مقتنيات عرفات، ومنها لباسه الشخصي ومسدسه وكوفيته، وكل الأدوات التي استخدمها خلال مكوثه في مكتبه قبل وفاته. واعلن ابن شقيقة عرفات ناصر القدوة أن العمل في المتحف سيبدأ خلال الاحتفاليات الحالية بالذكرى الخامسة لرحيل عرفات، وسينتهي قبل حلول الذكرى السادسة. ورصدت الحكومة مليوني دولار لإنشاء المتحف، فيما أوكلت مهمة تصميمه الى مكتب هندسي فلسطيني. وقال القدوة: «التصاميم جاهزة وسيتم البدء في إنشاء المتحف إلى جانب الضريح، و عزل المتحف والضريح ليشكلا مكاناً مستقلاً عن المقاطعة، لتسهيل وصول الزوار».