الدول المجتمعة في كوبنهاغن في كانون الأول (ديسمبر) المقبل مدعوة الى الاتفاق على مستقبل مناخ كوكب الأرض. وتحتاج الدول الغنية إلى الاضطلاع بتغييرات جذرية، شأن الدول النامية. وتحتاج الدول النامية إلى مساعدة الدول الغنية في سبيل بلوغ مستوى التخفيضات المطلوبة في انبعاث الغازات. والتمويل مسألة بالغة الأهمية في معالجة قضايا المناخ، وسنتناوله في اجتماع وزراء المال في اجتماع مجموعة العشرين، في مدينة سانت أندروز الاسكتلندية. وليس التحدي الذي نواجهه اقتصادياً فحسب، بل هو تحدٍ بيئي كذلك. ويمكن لآثار التغير المناخي الكارثية أن تخلف أضراراً كلفتها نحو عشرين في المئة من الناتج الإجمالي العالمي، أي ما يزيد عن كلفة الحربين العالميتين و «الركود الكبير». وتقدر المملكة المتحدة ان الدول الأكثر فقراً تحتاج إلى ما لا يقل عن مئة بليون جنيه استرليني، في 2020، هي تكلفة تقليص انبعاثات الغازات والتكيف مع التغير المناخي. ونحن مدعوون الى البدء بتوفير أموال التمويل هذا. ويتهيأ الاتحاد الأوروبي لتسديد حصة منصفة منها. وتسهم المملكة المتحدة في مساندة خطة الاتحاد الأوروبي، وتمده ببليون جنيه سنوياً. وعلينا إقناع الدول الاقتصادية الكبيرة الأخرى بالإسهام في تمويل جهود الدول الفقيرة البيئية. ولا يستهان بالمعوقات التي تحول دون الاتفاق على تمويل قضايا المناخ. فالدول أقرت نسب التمويل. ولكن قلة منها تبدي استعداداً للتسديد. فهي لا تثق بالتزام انفاقها على الوجه المتفق عليه. ونفتقر الى بنية عالمية لتوزيع التمويل ومراقبته. فالأموال المرصودة حالياً قليلة، وسيئة التوزيع، ومخصصة لخطط ضيقة وليس لقطاعات كاملة من الاقتصاد، على ما ينبغي. ويؤدي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي دورين بارزين في العملية هذه. ولكن ما هي التحديات؟ هي في مرتبة أولى تلبية التمويل حاجات التكنولوجيا الخضراء وتطويرها. وفي مرتبة ثانية مراعاة التمويل معايير الشفافية المالية. فيصب مباشرة حيث الحاجة إليه، على غرار تمويل الزراعة الخضراء، والحماية من الأعاصير، والتشجير الواسع، والطاقة النظيفة، عوض إنفاقه على أولويات سياسية محلية. وتملك الدول النامية الحق في قول الكلمة الفصل في هذا الشأن. ويجب ان يشارك رأس المال الخاص في تمويل الحل، وتوفيره. وحريّ بالسوق العالمية أن تكون قادرة على تقديم استثمارات واسعة قيمتها نحو 50 بليون دولار سنوياً في البلدان النامية، من 2010 الى 2020. ولا شك في أن التحديات كبيرة وضخمة. ولكنها ليست غير مسبوقة. وإرساء بنية بريتون – وودز في 1944، وهذه وضعت أسس النظام المالي العالمي وصندوق النقد والبنك الدوليين، وخطة مارشال لإعادة بناء عالم ما بعد الحرب العالمية، مثالان يحتذيان. واليوم كما في ذلك الحين، تحتاج الحكومات إلى رؤيا. وعلى الدول المختلفة ان تتعاون لحماية المصلحة العامة. * وزير الخزانة البريطاني، عن «انديبندنت» البريطانية، 6/11/2009، إعداد حسام عيتاني