في أحد الحوارات الصحافية قال رئيس الاتحاد العربي لألعاب القوى سليمان الزايدي "أتمنى أن يتخذ وزراء الشباب والرياضة العرب قراراً بأن كل من يجنس لاعباً لا يحق له المشاركة في البطولات إلا بعد خمس سنوات من تاريخ التجنيس"... ولا يمكن لمن يقرأ هذه السطور إلا أن يتساءل في نفسه إن كان الزايدي يقصد تجنيس لاعب أم موظف صادر ووارد، ولا أعلم حقيقة إن كان الزايدي يقصد ما يقول غير أن الأمر بالفعل يدعو للتندر على اعتبار أن تجنيس اللاعب ومن ثم إيقافه عن المشاركات الدولية خمسة أعوام قبل الاستعانة به مجدداً يجعلنا نضرب كفاً بكف على حال كثير من الاتحادات الرياضية التي ترزح في ظل قيادات لا تواكب العصر بفعل تمسكها بأساليب إدارية بالية وغارقة في البيروقراطية. ولا نشك في أن التجنيس غير المقنن في المجال الرياضي أمر لا يمكن أن يخدم الرياضة العربية على اعتبار أن استقدام أبطال رياضيين على طريقة التعاقد مع اللاعبين الأفارقة المحترفين أمر لا يخلو من السلبيات خصوصاً أن بعض اللاعبين لا يجيد اللغة الرسمية في بلاده الجديدة ولا يحمل تجاهها مشاعر تقوده إلى التأقلم مع شعبها ومن ثم نقل خبراته إلى الشبان لاحقاً، بمعنى أن ذلك المجنس مجرد أداة لجلب انتصار وقتي وليس دليلاً على تقدم البلاد التي احتضنته ولا على وجود نهضة رياضية فيها، وهنا ربما أوافق على رفض الزايدي للتجنيس بعيداً عن رأيه بضرورة ايقاف اللاعب لخمس سنوات عقب تجنيسه! ولكن لعل ما غاب عن رئيس الاتحاد العربي أن هناك وجهاً مشرقاً للتجنيس لا يمكن أن ينكره أصحاب الفكر النير ويتجسد هذا الوجه في الاستفادة من شبان موهوبين ولدوا وعاشوا وتعلموا في بلدان لا يحملون جنسيتها ومن الأجدر أن تبادر الدولة أياً كانت بتبني هؤلاء لأنهم يدينون بدينها ويتحدثون لغتها ويشعرون نحوها بالولاء وليس هناك مبرر لرفض تجنيسهم طالما أنهم سيضيفون إلى البلاد التي يعيشون على أرضها ما ليس لديها... ولدينا في السعودية آلاف الشبان الذين صرفت الدولة عليهم منذ الصغر في مجال الصحة والتعليم والتدريب بلايين الريالات، وعندما أصبحوا قادرين على التفوق وتحقيق فائدة للبلاد تم رفض خدماتهم بحجة أنهم لا يمتلكون جوازات سفر سعودية، ما جعل كثيراً منهم يتوجه إلى دول مجاورة لتقديم خدماته مع أن الأرض التي ولدته وتكفلت بتربيته وتعليمه وعلاجه طوال حياته أولى به وبقدراته... لا نريد أن نفتح الباب على مصراعيه لحملة تجنيس عشوائية، ولا نريد أن نغلقه على طريقة الزايدي، نحن نريد أن تستفيد الرياضة السعودية من أبناء هذه البلاد الذين لا يحملون الجنسية، خصوصاً أن بعضهم يمتلك من المواهب ما يجعله مكسباً يمكن أن يضيف للرياضة المحلية الكثير، أتمنى أن نلتفت إلى أن مبدعين يعيشون معنا ويتمنون أن يقدموا ما لديهم باسم هذا الوطن، وفي كثير من بلدان العالم يتم التجنيس بالنظر إلى مقدار الفائدة التي ستعود على البلاد من تجنيس شخص ما في المجالات الرياضية والاقتصادية والعلمية، فما بالك بمن صرفت عليهم الدولة واستوعبتهم منذ الولادة من أصحاب المواهب الذين لا يفصلهم عن خدمة بلادهم سوى جواز سفر! [email protected]