اختُتم أمس المؤتمر الرابع لمنتدى التعاون الصيني - الأفريقى الذي استضافه منتجع شرم الشيخ المصري وشارك فيه ممثلو 50 دولة باعتماد وثيقتين هما «إعلان شرم الشيخ» و «خطة عمل شرم الشيخ» للسنوات الثلاث المقبلة وتهدفان إلى تعزيز التعاون و «المشاركة الاستراتيجية» بين الصين ودول القارة السمراء. وتتعهد الصين وفق «إعلان شرم الشيخ» بالعمل على زيادة حجم المعونة المقدمة إلى أفريقيا وخفض أو إسقاط الديون المستحقة على دولها وزيادة الاستثمارات في القارة السمراء وفتح المزيد من الأسواق وتعزيز التعاون العلمي. وأكدت الوثيقة ضرورة الحفاظ على الوحدة والمساندة المتبادلة لمواجهة التحديات الناجمة عن الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، وشدد على أن مسعى أفريقيا إلى تحقيق أهداف الألفية الإنمائية لن ينتكس. أما «خطة عمل شرم الشيخ» فأشارت إلى أن الجانبين الأفريقي والصيني اتفقا على التفعيل الكامل للآليات القائمة الخاصة بالحوار والتواصل بين الجانبين لتعميق شكل جديد من «المشاركة الاستراتيجية» وذلك من خلال تفعيل الحوارات الاستراتيجية والمشاورات السياسية بين وزارات الخارجية واللجان المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري. كما اتفقا على عقد الحوار السياسي الثاني بين وزراء خارجية الجانبين العام المقبل على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعقد مشاورات قنصلية بين الجانبين لمعالجة القضايا القنصلية الخاصة بمواطني الجانبين. وأكد الجانبان تقديرهما المساهمات المهمة للاتحاد الأفريقي والمنظمات الاقليمية في أفريقيا في حل القضايا الساخنة في القارة وتشجيع عملية التكامل الأفريقي والتكامل الاقتصادي الإقليمي وقضية السلام والتنمية في أفريقيا، وتشجيع دعم الدور الأفريقي في الشؤون الإقليمية والدولية. وأبدت الصين ترحيبها بإقامة مكتب تمثيل للاتحاد الأفريقي في بكين في الوقت المناسب، واعتزامها تعزيز مشاركتها مع المنظمات الأفريقية في مجال بناء القدرات المؤسسية وتنفيذ المشاريع التي تشمل أكثر من دولة في الإقليم. وفي ما يتعلق بالتعاون في مجال السلم والأمن، تعهدت الصين الاستمرار في تأييد قيام مجلس الأمن بدور بناء في حفظ السلام في أفريقيا ومواصلة دعمها ومشاركتها في قوات حفظ السلام في أفريقيا ورفع تعاونها مع الدول المعنية في لجنة بناء السلام التابعة للأمم المتحدة وتدعم جهود الدول في مرحلة إعادة البناء في ما بعد الحروب. وأشارت الوثيقة إلى أن الحكومة الصينية قدّرت مفهوم «ضرورة حل المشكلات بواسطة الأفارقة أنفسهم». وأكدت «خطة عمل شرم الشيخ» ضرورة تمثيل أفريقيا بشكل كامل في الترتيبات المتعلقة بالاقتصاد العالمي والحاجة الماسة إلى توسيع «مجموعة العشرين» والآليات والتجمعات الاقتصادية العالمية الأخرى. وكانت أعضاء وفود 49 دولة أفريقية والصين ناقشوا أمس قضايا الزراعة والأمن الغذائي والبنية التحتية. وفي ما بدا أنه رد غير مباشر على ما ورد في كلمة مسؤول ليبي أول من أمس من دعوة إلى الصين بألا «تعمل في أفريقيا وكأنها قوة استعمارية أو إمبراطورية جديدة»، شدد ممثل الصين في كلمته أمام جلسة العمل الرابعة للمؤتمر أمس على نفي صحة أي نيات إمبراطورية لبلاده إزاء القارة الأفريقية. وقال ممثل الجانب الصيني: «على رغم الخطوات المهمة التي قطعتها الصين على طريق التنمية، إلا أنها لا تزال إحدى الدول النامية وتسعى إلى التعاون مع الدول الأفريقية والدول النامية ككل لتحقيق مصالح الدول النامية». وأكد أن بلاده حريصة تماماً على التعاون مع أفريقيا «لكن ليس لديها على الإطلاق أي توجهات استعمارية أو إمبراطورية إزاء أفريقيا، وتؤكد على الدوام أنها لن تتدخل في شؤون الدول الأفريقية ولن تسعى إلى أي شكل من أشكال الهيمنة». وأضاف: «إننا على يقين بأنه طالما نظل ملتزمين مبادئ المساواة والاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة والتضامن والتعاطف بين الصين وأفريقيا إقليمياً ودولياً فسنتمكن من تعزيز مجمل الشراكة الاستراتيجية الصينية الأفريقية الجديدة». وأشار إلى أنه «يجب ألا يغيب عن الذهن أن الصين لا تزال هي الأخرى ضمن قائمة الدول النامية». وأوضح أن حكومة بلاده ستتخذ خلال السنوات الثلاث المقبلة مجموعة من الإجراءات التي تستهدف تحسين البيئة الاقتصادية والمالية التي تسمح بتشجيع الشركات الصينية من أجل زيادة استثماراتها في الدول الأفريقية. وطلب من الدول الأفريقية ترشيح المشاريع التي ترغب في تمويلها من خلال القروض الحكومية الميسّرة التي توفرها الحكومة الصينية لمساندة الدول الأفريقية والتي تبلغ 10 بلايين دولار سيتم توفيرها خلال السنوات الثلاث المقبلة. ووصف وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط المؤتمر الوزاري الرابع لمنتدى التعاون بين الصين وأفريقيا بأنه كان «مؤتمراً ناجحاً بكل المقاييس»، وأكد أهمية المشاركة الاستراتيجية بين الصين وأفريقيا التي انطلقت عام 2000. وعن التنافس بين الدول الكبرى كالصين والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا للتواجد في أفريقيا، قال أبو الغيط: «التنافس بين الدول الكبرى هو أحد صفات وسمات العلاقات الدولية وهم يتنافسون فعلاً على الأراضي الأفريقية، وأفريقيا عليها أن تقدر مصالحها ومن يسعى فعلاً إلى إقامة علاقة سوية مع أفريقيا تقوم على التوازن والاحترام والتكافؤ... أفريقيا ستقرر لنفسها هذا». ومن المقرر أن تستضيف الصين المنتدى عام 2012 ليعود بعد ثلاث سنوات إلى إحدى الدول الأفريقية.