ذُكر في محاكمة رجل تتهمه السلطات الأميركية بأنه كان من القادة الأوائل لتنظيم «القاعدة»، أن الزعيم المؤسس للتنظيم أسامة بن لادن طلب من مواطن أميركي عام 1995 أن يغتال الرئيس المصري السابق حسني مبارك بصدم طائرته في الجو بطائرة أخرى. وقال إيهاب محمد علي (52 عاماً) لمحكمة في نيويورك أخيراً: «رددت على ابن لادن بالقول: حسناً، ألن أقتل نفسي إذا فعلت ذلك»؟ فقال له ابن لادن: حسناً عندئذ ستكون شهيداً». ووردت ملامح الأيام الأولى لتنظيم «القاعدة»، حين كان ابن لادن يملك طائرة خاصة، ولم تكن قوات الأمن تعرف عنه شيئاً يذكر، في سياق بينات قدمتها الحكومة الأميركية خلال الأسابيع الثلاثة الماضية في محاكمة خالد الفواز الذي يقول المحققون إنه شخصية رئيسة في الجماعة الإرهابية في مبتدأ عهدها. وأبلغ الفواز المحكمة بأنه غير مذنب بالتآمر لقتل أميركيين في تفجير سفارتي الولاياتالمتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998. وخلف هذان التفجيران 224 قتيلاً، بينهم نحو 10 من الأميركيين. وقدمت الحكومة الأميركية قضيتها في هذه الدعوى الخميس الماضي. وشهد علي بأنه التقى ابن لادن قبل 25 عاماً في أحد بيوت الضيافة الخاصة بتنظيم «القاعدة» في باكستان، وهو تقريباً الوقت نفسه الذي تعهد فيه بموالاة «القاعدة». وقال أيضاً إنه قابل الفواز وعرّفه للمحكمة باعتباره عضواً في التنظيم. وأوضح علي الذي ولد في الإسكندرية (مصر) أنه جاء إلى أميركا للمرة الأولى مع عائلته، ولم يكن عمره تجاوز ال11 عاماً، وأقام في نيويورك، قبل الانتقال إلى فلوريدا حيث تدرب على الطيران مدة 13 ساعة في المدرسة الثانوية. وقال إنه التحق عام 1987 بالكلية الأميركية للفنون التطبيقية في لوس آنجليس، وكان بدأ ينتظم آنذاك في الذهاب إلى أحد المساجد، وبدأت تنمو لديه الرغبة في مقاتلة الاتحاد السوفياتي في أفغانستان. وأضاف أنه ذهب إلى باكستان عام 1988، بعدما أضحى مواطناً أميركياً، والتحق بمعسكرات «القاعدة» للتدريب في 1990. وأشار إلى لقاءات عدة مع ابن لادن، من بينها لقاء حضره أكثر من 20 شخصاً من أعضاء «القاعدة» في غرفة، حين أوضح لهم زعيم «القاعدة» أنه قرر نقل عمليات التنظيم من باكستان إلى السودان. وأوضح علي أن طلب ابن لادن مهاجمة الرئيس المصري السابق جاء بعدما دفعت «القاعدة» تسعة آلاف دولار لتمويل تدريبه طياراً عام 1993، كما دفعت مزيداً من المال في 1994 في مدينتي آردمور ونورمان بولاية أوكلاهوما، ومدرسة أخرى لتدريب الطيارين في لوس آنجليس. وذكر أن ذلك التمويل جاء بعدما حاول تعلم الطيران في مطار العاصمة الكينية نيروبي، لكنه وجد التدريب بطيئاً جداً. وقال إنه بحث إمكان التدرب في أميركا مع ابن لادن الذي أقرّه على ذلك. وأضاف قائلاً للمحكمة: لا أتذكر إن كنت تسلمت مبلغ التسعة آلاف دولار من ابن لادن مباشرة. لكنه أوضح أنه تواصل مع ابن لادن مرات عدة، بل ذهب معه ذات مرة إلى معسكر أثناء وجودهما في السودان. وزاد أنه توجه إلى أوكلاهوما في أيلول (سبتمبر) 1993، بعد ستة أشهر من تفجير مركز التجارة العالمي في ال26 من شباط (فبراير) 1993، الذي أسفر عن مقتل ستة أشخاص، وإصابة أكثر من ألف شخص. وعاد لاحقاً إلى السودان. وأبلغ علي أعضاء هيئة المحلفين بأن ابن لادن، الذي سمح له بأن يقود طائرته الخاصة في الخرطوم، أبلغه بأن العاهل السعودي مريض جداً، وأن الرئيس المصري مبارك سيطير على الأرجح لحضور تشييع الملك إذا توفي. وقال علي: «قال لي ابن لادن إنني لو تمكنت من الفرصة فيجب أن أصدم طائرتي بطائرة مبارك في الجو». وأوضح أن طائرة ابن لادن كانت تعاني من مشكلات في الكوابح (الفرامل)، وقال إنه سقط بها في نهاية مدرج مطار الخرطوم عام 1995، وكان لا يزال يواصل تدريبه على الطيران. وذكر أن ابن لادن طلب منه أن يحاول إصلاحها، فاتصل بالشركة الأميركية التي صنعتها لتقوم بإصلاحها، بيد أن الشركة طلبت مليون دولار في مقابل ذلك، وهو مبلغ كبير. وأشار علي إلى أنه غادر السودان في نهاية 1995، وحصل على 2400 دولار «تعويضاً» له عند تخليه عن «القاعدة» وعودته إلى الولاياتالمتحدة في حزيران (يونيو) 1996. وبعد وقوع تفجير السفارتين الأميركيتين، اتصل به عملاء مكتب التحقيقات الفيديرالي (إف. بي. آي.)، في أيار (مايو) 1999، في أورلاندو (فلوريدا)، حيث يقيم في مجمع للشقق. وقال إنه أبلغ العملاء الفيديراليين بأنه لم يذهب إلى السودان مطلقاً، ونفى أية معرفة له بابن لادن في شهادة أدلى بها أمام هيئة محلفين كبرى في نيويورك في أيار 1999. واقتيد من هناك للحراسة حيث قضى بقية يومه. وفي آذار (مارس) 2001، أقر علي بأنه مذنب بالإدلاء بشهادة زور، واحتقار المحكمة، والتآمر لقتل مواطنين أميركيين. وفي أيار 2009 تم النطق بالحكم عليه، واكتفت المحكمة بالمدة التي قضاها في السجن، إذ قبع هناك عقداً من الزمان. وأوضح علي أن أطفاله مقيمون في الولاياتالمتحدة، وأن زوجته تعمل للحصول على الإقامة الدائمة في أميركا. وذكر أنه عمل سائقاً لنقل البريد، ونادلاً في مطعم منذ إطلاقه من السجن.