من نافلة القول ان محفزات ما يحدث من «دربكة» وتجمعات وبيع وشراء حول ماكينة سنجر هي نصب محض، لا أساس له من الصحة والصواب، حيث استندت - المحفزات - على إيهام تغلغل وعشعش ليتبلور إلى وهم وأكمل كل واهم الفراغات في عقله... سال لعاب الأخير لأجل مال سهل متوقّع. لكن الأمر لا يخلو من طرافة... منها أن أحدهم قرر حذف ال «ما» من «الما... سنجر» حتى يتمكن من عرضه للبيع مع ارتفاع «منعطف» الطلب. وهذه محاولة - سريعة - لتفكيك الإشاعة أو «كذبة أبريل... إذا رغبت»... لسبر أغوارها. الإشاعات وأوجه النصب ووسائله وطرق ترويجه مما يستحق الدراسة والتمحيص، لأن في تعريته كشفاً لمواقع القوة والضعف في المجتمعات. بدأ انتشار الإشاعة في الأردن، لتطير عابرة الحدود مع الركاب ورسائل الجوال وشاشات الفضائيات، وتنتشر في السعودية مثل النار في الهشيم ومن المتوقع أن تواصل رحلتها إلى دول الخليج واليمن، ولن يُستغرب أن يفتش قراصنة البحر الصوماليون السفن في عرض البحر بحثاً عن الغالية «ماكينة سنجر»، وهي ماكينة عادية للخياطة اختارها عقل جهنمي واضعاً حجر أساس لكذبة صدقها كثيرون... ولا بد أن «العقل الخطير» انتهى الآن من جني ثمارها قانعاً بالفرجة... مثل كبار مضاربين وهو امير أسهم. حُبكت الإشاعة في شكل جيد ولافت، ولعبت على أوتار استهدفت مستويات مختلفة من شرائح المجتمعات... النووي والتخصيب من جهة، وهو رائج في وسائل الإعلام مع تصارع دولي حوله، وأسطورية الزئبق الأحمر من جهة ثانية، وهو أكثر رواجاً في الأوساط الشعبية لخصائص أسطورية تتداخل مع العالم الخفي، لكنها لم تثبت عنه، كما اعتمدت في محورها الثالث على سلعة بسيطة لها تاريخ في المنازل العربية، ماكينة الخياطة، وهو محور زادها قوة ووسّع من القاعدة المهتمة بها، وكان من آثارها الحميدة تذكير بعض الناس بضرورة الاتصال بأمهاتهم. والغرض من تجارة الوهم هذه هو إيهام الناس بوجود طلب على غرض ما بسعر يفوق سعره الحقيقي، ثم بيعه عليهم، فيبدأ صاحب أو أصحاب الإشاعة بالتأسيس للطلب ليتكفل الضحايا بالبقية. وقدمت الإشاعة وسيلة اختبار - للبسطاء من الناس - للتأكد من صدقيتها، وهي تأثر الجوال واضطرابه عند اقترابه من إبرة الماكينة. والإشاعة الظريفة ظرافة المتراكضين حولها، شبيهة بقصة تاجر الحمير التي راجت منذ انهيار سوق الأسهم وهي معروفة، كنموذج لأبراج النصب المالي وطريقة تشييدها. الطعم هنا - كما هي العادة - المال السهل الوفير، والوسيلة الفرصة... سلعة رخيصة قد لا يعرف بعض من يمتلكها قيمتها النصبية، وربما هي منسية أو محطمة في مخزن مهجور أقصى المنزل. والملتمون حول هذه الكذبة فئات، منهم المصدق وقد عميت بصيرته لأجل الربح، ومنهم غير المصدق لكنه يريد الاستفادة من هذه الهوجة... كمضارب «ماسنجري»... والكل يساهم في عرض المسرحية الهزلية. في تقديري أن الناس على «وتيرة» سوق أسهمهم! www.asuwayed.com