دشن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح أمس في ميناء بلحاف في محافظة شبوة على البحر العربي جنوباً، تصدير الشحنة الأولى من الغاز الطبيعي المسيّل إلى السوق الكورية، ضمن مشروع استثماري هو الأكبر في تاريخ اليمن. وأعطى إشارة البدء في التصدير في حفلة أقيمت في بلحاف، حضرها وزراء ومسؤولون محليون وشركاء دوليون في المشروع تتقدمهم «توتال» الفرنسية . ولفت وزير النفط والمعادن اليمني أمير سالم العيدروس في حديث إلى «الحياة»، إلى أن الشحنة الأولى «ستتوجه إلى كوريا الجنوبية وتبلغ 149 ألف طن متري، تتبعها شحنة أخرى من 160 ألف طن متري تنقلها إلى أوروبا إحدى ناقلات الشركة اليمنية للغاز الطبيعي «أروى»، إذ اشترت الشركة أربع ناقلات قيمتها نحو بليون دولار. وأوضح أن أهمية تدشين تصدير الغاز «تكمن ليس فقط في حجم الاستثمار البالغ 4 بلايين دولار، بل بما سيشكله من رافد اقتصادي كبير تعول عليه برامج التنمية وطموحاتها على المديين القريب والبعيد، عبر ما سيضخه من إيرادات تتراوح بين 30 بليون و50 بليون دولار على مدى 25 سنة. واعتبر أن مشروع بلحاف يمثل «رسالة بليغة إلى العالم، بأن اليمن أرض الفرص والمناخ الملائم للاستثمار، ويجعلها هذا المشروع على خريطة الغاز العالمية لتكون من روافد الطاقة النظيفة إلى الأسواق الرئيسة في أميركا الشمالية وكوريا الجنوبية وأسواق مستقبلية أخرى». وأكد أن حجم مشروع الغاز «يزيد على 40 ضعفاً مقارنة بمتوسط حجم الاستثمارات الكبرى في اليمن، كما يساهم في إيجاد صناعات بتروكيماوية كبيرة في بلحاف، إذ تقدمت شركات كثيرة بطلبات لبناء مصانع فيها، ويتوقع أن تكون بلحاف نموذجاً للمدينة الصناعية على طراز عالمي». وأكد العيدروس أن المشروع «يساهم في تأمين فرص عمل مباشرة لنحو 10 آلاف يمني، فضلاً عن فرص العمل والتأهيل الواسعة للشركات المحلية في مختلف مراحله». وأشار إلى «75 في المئة من الأيدي العاملة من الكوادر اليمنية سترتفع إلى 90 في المئة عام 2015». وكشف أن الشحنات التي ستُصدّر مجدولة وعُدّلت وفق أولويات السوق العالمية، إذ سيركز على أوروبا وآسيا، خصوصاً الصين والهند في الفترة المقبلة». وأوضح أن عملية التصدير «ستأخذ مسارها الطبيعي بالكميات المعلنة، وهي 6.7 مليون طن سنوياً بعد بدء الطور الثاني للإنتاج والتصدير في الربع الثاني من عام 2010، إذ نُفّذ منه 90 في المئة حتى الآن». وتنفذ المشروع الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسيّل، التي تأسست عام 2005، وتضم مجموعة ملاكها شركة «توتال» الفرنسية بحصة 39.62 في المئة، وشركة «هنت» الأميركية للنفط 17.22 في المئة، وتبلغ حصة الشركة اليمنية 16.73 في المئة، ونسبة 5 في المئة للهيئة اليمنية للتأمينات الاجتماعية والمعاشات وهما مؤسستان حكوميتان يمنيتان. تُضاف إليها مؤسسة «إس كي» الكورية الجنوبية بنسبة 9.55 في المئة، والمؤسسة الكورية للغاز (كوغاز) بنسبة 6 في المئة، وشركة «هيونداي» 5.88 في المئة. وكان الرئيس اليمني دشّن في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008، المرحلة الأولى من المشروع، وشملت وصول الغاز الطبيعي من حقول الغاز في القطاع الرقم 18 في صافر في (مأرب)، إلى منطقة ميناء بلحاف على ساحل البحر العربي وعبر خط الأنابيب الممتد إلى منشآت التسييل والتصدير بطول 320 كيلومتراً وبقطر 38 إنشاً. ويتألف المشروع من معملين لتسييل غاز «إل إن جي» بطاقة 6.9 مليون طن من الغاز الطبيعي في السنة، وبمعدل 3.4 مليون طن لكل معمل، وخزانين للغاز الطبيعي المسيّل بسعة 140 ألف متر مكعب لكل خزان، ورصيف بحري بطول 680 متراً لتحميل الغاز المسيّل إلى ناقلات الغاز البحرية، إضافة إلى عدد من المرافق. ويضم مطاراً جوياً ومساكن للعاملين ومرافقها الخدمية ومبان إدارية وورش صيانة، ومتطلبات تشغيل المعامل. وتقدّر كمية احتياط الغاز المؤكدة في محافظة مأرب والمخصّصة للمشروع 9.15 تريليون قدم مكعبة، يخصّص منها نحو تريليون قدم مكعبة لتلبية احتياجات السوق المحلية. كما يوجد احتياط محتمل بنحو 0.7 تريليون قدم مكعبة. وكانت الشركة وقعت ثلاثة اتفاقات طويلة المدى (25 سنة) لتأمين مبيعات الغاز الطبيعي المسيّل. ووُقع أحد هذه الاتفاقات مع شركة «كوغاز» لإمداد السوق الكورية سنوياً بنحو 30 في المئة من حجم الصادرات السنوية للمشروع. فيما وُقعت العقود الأخرى مع كل من شركة «جي دي إف سويز» وشركة «توتال» للغاز والطاقة، تُمدّ بموجبها السوق الأميركية بحوالى 70 في المئة من حجم الصادرات السنوي للمشروع.