يرى كتاب وباحثون اجتماعيون أن الإشاعات عادة ما تكون ضد أشخاص عاديين في المجتمع، ويمكن لها أن تدمر مجتمعات كاملة، مطالبين بمكافحتها بكل الطرق. ويقول الناقد الدكتور أحمد إبراهيم، إن حياة الناس مملوءة بالأوهام والأكاذيب، إذ تفضل الطبيعة البشرية الرغبات على الاحتياجات، وبالتالي تصبح الأوهام والأحلام أكثر سيطرة على الإنسان من المنطق والعقل، «لأن الأوهام تعد الإنسان دوماً بحل رائع لمشكلاته لا يستند إلى منطق، أو يستلزم جهداً أو تعباً». ويضيف: «تاريخ استغلال الإنسان لهذه الخاصية في السلوك البشري تاريخ طويل، وليس حكراً على مجتمع بعينه، فمنذ سنوات قريبة جداً انتشر وهم الزئبق الأحمر في مصر، واستطاع بعض النصابين والمشعوذين الاستيلاء على أموال طائلة تبلغ الملايين من شخصيات متعلمة، وأثرياء، وحتى بعض رجال الدولة، لدرجة دفعت أحد كتاب الدراما إلى كتابة مسلسل عن هذه الظاهرة اسمه «الثعلب فات» بطولة محمود مرسي، ويحيى الفخراني عن وهم الثراء باستخدام الزئبق الأحمر، وتم إخراجه وعرضه على التلفزيونات العربية كلها، ومن ضمنها تلفزيون المملكة، وحظي بنسبة مشاهدة واسعة كبيرة، لكن الناس تنسى، وها هو المسلسل نفسه يعاد إنتاجه على أرض الواقع السعودي ولكن بخبرات وطنية، وتفاصيل تتفق مع طبيعة وخصوصية المجتمع السعودي من خلال ماكينات الخياطة، وهي كلها شعوذة ووهم لن يجني أحد من ورائه إلا قبض الريح». في المقابل، أوضح الكاتب شتيوي الغيثي أن المجتمع يقتات على الأسطورة لعمق الخيال الشعبي في تصوراته، إضافة إلى كونه يعتمد على اقتصاد ريعي يستجلب الربح السريع من موارد الطبيعة من غير العمل على إعادة تصنيعها وإنتاجها. وقال: «الربح هنا ليس من قيمة العمل بقدر ما أنه الأخذ من كرم الطبيعة، وفي هذه الحادثة يمتزج العقل الأسطوري بالربح الريحي ليشكل إشاعة مضحكة من جهة لطرافتها ومحزنة من جهة أخرى لقلة الوعي». ويرى الباحث الاجتماعي محمد ياسر الشمري، أن «الإشاعة» تستخدم منذ قديم الزمان وتعتبر سلاحاً في الأزمات، وهي من الأمراض التي تعاني منها المجتمعات بعد استغلال ضعاف النفوس للإنترنت وثورة الاتصال واستغلالها بشكل سيئ. وقال: «الإشاعة هي من أكثر المشكلات التي تواجه المجتمعات وأخطرها، وأعقدها، وتعاني المجتمعات بمختلف مستوياتها من مرض الإشاعة غير الصحيحة، والتي يهدف صاحبها إلى تحقيق مصلحة لأشخاص معينين؛ فقد يتم نشر إشاعة في مجال من مجالات الحياة المختلفة». وطالب الجهات ذات العلاقة ومنها المدرسة ووسائل الأعلام والمسجد وغيرها بأن تتعامل مع ما سمّاه ب «المرض»، وأن توجد علاجاً للقضاء عليه.