طهران، لندن - «الحياة»، أ ب، رويترز، أ ف ب - صعّدت طهران حملتها على إسلام آباد أمس، واتهم «الحرس الثوري» الاستخبارات الباكستانية بحماية عبد الملك ريغي زعيم جماعة «جند الله» التي نفذت هجوماً انتحارياً في جنوب شرقي إيران الشهر الماضي، أسفر عن مقتل اكثر من 40 شخصاً بينهم 15 من «الحرس». من جهة ثانية، أكدت طهران أنها «لن تُخدع» بمشروع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، لتخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج، معتبرة ان الوكالة «ملزمة قانوناً بتقديم الوقود» النووي الى الدول الراغبة في ذلك. كما أشارت طهران الى «اقتراحات وتوضيحات لم تعلن عنها» حول المشروع ستسلمها الى الوكالة، داعية الغرب الى الانتقاء من «ثلاثة خيارات» حددتها لتأمين الوقود النووي لمفاعل طهران للبحوث الطبية. في غضون ذلك، أوردت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية ان الوكالة الذرية حضت إيران على تفسير أدلة تشير الى إجرائها تجارب على تصميم رأس حربي نووي متطور. ونقلت الصحيفة عن «وثائق لم يُكشف عنها» يتضمنها ملف للوكالة يحمل عنوان «أبعاد عسكرية محتملة للبرنامج النووي الإيراني»، وجزء من مصادره تقارير أجهزة استخبارات غربية، ان علماء إيرانيين اجروا تجربة على رؤوس «ذات انفجار داخلي مزدوج»، وهي تكنولوجيا متقدمة صنّفتها الولاياتالمتحدة وبريطانيا سرية. وأضافت الصحيفة ان تحكّم الإيرانيين بهذه التكنولوجيا المتطورة جداً، سيسمح لهم بإنتاج رؤوس حربية أصغر وأبسط، ما يسهّل وضعها على صاروخ. ووصف خبراء نوويون هذا التطور الإيراني بأنه اختراق يزيد الحاجة الملحّة لإيجاد تسوية ديبلوماسية للملف النووي. ونسبت الصحيفة الى مستشار حكومة أوروبية في شؤون الطاقة النووية قوله ان «تمكّن ايران من العمل على هذا النوع من الرؤوس، يدعو الى الدهشة». الى ذلك، انتقد وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي تصريحات لنظيره الفرنسي برنار كوشنير، حذر فيها من احتمال وقف المفاوضات بين طهران والدول الست المعنية بملفها النووي، معتبراً ان «حكومة تقمع شعبها وترفض الحوار مع الخارج، لا تبشر بالخير». وقال متقي: «نحن معتادون على تصريحات كوشنير السطحية التي ينقصها الاطلاع، ونعتقد بأن هذا النوع من التصريحات التي تفتقر الى الواقعية يضرّ أولاً بمصالح الفرنسيين وسيؤدي الى تقليص دورهم». وأضاف: «كي يتمتع كوشنير برؤية اكثر وضوحاً للمشاكل الفرنسية الداخلية، أنصحه بزيارة ضاحية باريس من وقت الى آخر، للاطلاع على انتهاكات حقوق الإنسان». واتهمت طهران الرئيس الأميركي باراك أوباما ب «الكذب»، لنفيه تدخل واشنطن في الاضطرابات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران (يونيو) الماضي. كما أعلنت اعتقال 4 صحافيين بينهم 3 أجانب، لتغطيتهم «من دون ترخيص» الأربعاء الماضي، مسيرات إحياء الذكرى الثلاثين لاحتلال السفارة الأميركية في العاصمة الإيرانية والتظاهرات التي نظمت على هامش المناسبة. وعلى صعيد العلاقات مع باكستان، قال الجنرال حسين سلامي نائب قائد «الحرس الثوري» ان «عبد الملك ريغي اعتُقل في 26 أيلول (سبتمبر) الماضي، في أحد شوارع كويتا، لكن الاستخبارات الباكستانية أطلقته بعد ساعة». وتساءل: «هل يُعقل ان يكون هذا الرجل حراً في تحركاته؟ اللهم إلا إذا كان تحت حماية أجهزة الاستخبارات» الباكستانية. ولم يعط سلامي مزيداً من التفاصيل عن ملابسات اعتقال ريغي وإطلاقه، لكنه أضاف ان الولاياتالمتحدة «تريد استغلال» منطقة كويتا «نظراً الى موقعها الجغرافي جنوب غربي باكستان ومجاورتها إيران وأفغانستان وكونها موطناً لقوميات وطوائف، كي تؤدي دوراً إقليمياً في استقطاب مرتزقة مثل طالبان والقاعدة». وأشار الى ان «جماعة ريغي لا يتجاوز عدد أفرادها 30 شخصاً»، معتبراً أن قائدها «يعاني انفصاماً في الشخصية». في الوقت ذاته، أكد النائب برويز سروري عضو لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني أن «بعض أفراد القوات الباكستانية مهدوا لتسلل الإرهابيين من باكستان إلى إيران»، محذراً إسلام آباد من «مغبة عدم تنفيذ الوعود التي قطعها مسؤولوها» حول تسليم عناصر «جند الله». وكان قائد «الحرس الثوري» الجنرال محمد علي جعفري قال أول من أمس، ان باكستان طلبت من إيران منحها فرصة لاعتقال عناصر «جند الله»، موضحاً ان «هذه الفرصة في طريقها الى النفاد». وحذر من ان «الحرس الثوري سينفذ خطواته وبرامجه»، إذا لم تعتقل الحكومة الباكستانية عناصر الجماعة وتسلّمهم الى إيران «وفق المهلة التي حددتها».