خلال عقد من الزمن تحول المدافع المخضرم الفنلندي سامي هيبيا الى جبل في قلب دفاع ليفربول بخاصة انه قائد الدفاع الجوي نظراً لتصديه للكرات العالية والساقطة نحو منطقة الفريق، والاهم ان اخطاءه قليلة ما مكنه من الفوز بثمانية القاب مع «الحمر»، فخرج اسطورة من «انفيلد رود». لم يكن هيبيا يريد الخروج من ليفربول قبل ان ينهي مسيرته لكن المدير الفني الاسباني رافائيل بينيتيز دفعه الى التحول نحو الدوري الالماني وتحديداً الى فريق بايرن ليفركوزن، لأنه اعتمد على الثلاثي المكون من جيمي كاراغر والسلوفاكي مارتن سكيرتل والدنماركي دانيال اغر، ثم اضطر الى التعاقد مع المدافع اليوناني كيرغياكوس. لم يكن المدافع الفنلندي معروفاً للكرة الانكليزية الى ان استقدمه المدير الفني السابق لليفربول الفرنسي جيرار هوييه في مقابل 2.5 مليون جنيه استرليني من فريق فيليم الهولندي عام 1999 فتحول الى واحد من افضل المدافعين الذين مروا بتاريخ «البريمييرليغ» واوروبا ايضاً. بدأ هيبيا مسيرته محترفاً في بلده مع فريق مايبا فساعد فريقه في الحلول وصيفاً في ال «فايكوس ليغا» اعوام 1993 و1994 و1995 وفاز بلقب الكأس عام 1992 و1995. اما على الصعيد الدولي فلعب اول مباراة دولية وهو بعمر 19 فقط ثم تحول الى قائد الفريق ليشارك في 103 مباريات ويصبح ثاني اكثر لاعب مثل فنلندا بعد زميله السابق في ليفربول ياري ليتمانن. وقد يجد أي لاعب الامور صعبة حين يلعب لأندية على اعلى مستوى وهو ينحدر من دولة ليست قوية كروياً تماماً كهيبيا لكن الاخير لم يتزعزع ابداً امام الواقع. لم يتأهل هيبيا مع منتخب بلاده الى أي بطولة كبيرة في كأس العالم او بطولة اوروبا، ففي تصفيات كأس العالم 1998 شاهد المدافع هنغاريا تسجل هدف التعادل في شباك بلاده في الدقيقة القاتلة لتحرمه من فرصة اللعب في تصفيات الملحق. وفي تصفيات بطولة اوروبا حققت فنلندا التعادل مع البرتغال ذهاباً واياباً في المجموعة وفازت على بولندا التي تصدرت في النهاية، لكن خسارة غير متوقعة امام اذربيجان حرمت فنلندا من تصفيات الملحق بفارق 3 نقاط فقط. عام 1995 انضم هيبيا الى فيليم الهولندي بعدما كان قاب قوسين او ادنى من الالتحاق بنيوكاسل يونايتد إذ اعجب به مدرب الفريق الانكليزي انذاك كيفين كيغان، لكنه انتظر 4 سنوات ليتحول حلمه الى حقيقة لينضم الى ليفربول في الفترة التي عرفت ب «ثورة» هوييه. خلال موسمه الاول مع ليفربول ترك هيبيا اثراً هائلاً نظراً للتفاهم الكبير بينه وبين المدافع السويسري ستيفن هنشوز ليصبحا اصلب مدافعين في الدوري فلم تهتز شباك ليفربول الا 30 مرة في الدوري أي اقل ب 15 هدفاً من البطل مانشستر يونايتد. وتكرر الامر في موسم 2001/2002 إذ فاز ليفربول بلقب افضل دفاع وقادا «الحمر» الى احتلال المركز الثاني في البطولة للمرة الأولى منذ بزوغ فجر «البريمييرليغ»، وخلال سنوات هيبيا العشر مع ليفربول كان معدل الاهداف التي هزت شباك ليفربول هي 32.5 مقارنة بمعدل مانشستر يونايتد البالغ 32.3 الذي احرز 6 القاب دوري خلالها. خلال فترة جيرار هوييه مع ليفربول اطلق على الفريق لقب نادي ال(1-0) بوجود قلبي دفاع قادرين على الصمود، وهما هيبيا وهنشوز حتى تغنت جماهير ال «كوب» بهما وقارنتهما بثنائي الفريق التاريخي مارك لورنسون والن هانسن. بعد موسم واحد مع ليفربول، منح جيرار هوييه سامي هيبيا شارة القائد بالمشاركة مع روبي فاولر وصانع الألعاب جيمي ريدكناب الذي كان يعاني من إصابات كثيرة، فكان موسم 2000/2001 هو موسم الحصاد، إذ قارنت الجماهير هذا الموسم بمواسم الحصاد في الثمانينات، ففاز بكأس الاتحاد الأوروبي على حساب ديبورتيفو الافيس الاسباني (5-4) بعد التمديد، وكأس السوبر على حساب بايرن ميونيخ الألماني (3-2)، وكأس انكلترا على حساب ارسنال (2-1)، وبلقبي كأس الأندية المحترفة والدرع الخيرية على حساب مانشستر يونايتد أيضاً، فكان موسم الخماسية التاريخية تحت قيادة الفنلندي الهائل. واثبت المدافع انه قادر على تحمل الأعباء، فشارك في 57 مباراة على المستوى الأوروبي من دون غياب عن دقيقة واحدة من تشرين الثاني (نوفمبر) 2001 إلى شباط (فبراير) 2006. وخلال هذه الفترة المثمرة كانت هناك مباريات تحت الضوء لا يمكن نسيانها، منها الفوز على برشلونة الاسباني في نصف نهائي كاس الاتحاد الأوروبي عام 2001، وهدف الفوز على بايرن ليفركوزن في دوري أبطال أوروبا 2002، إذ لعب الفريق واحدة من أفضل مبارياته أمام فريق يضم مايكل بالاك وديميتار برباتوف. وعام 2005 لعب هيبيا كل دقيقة خلال حملة ليفربول للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا، فسجل هدفاً في مرمى حارس يوفنتوس جان لويجي بوفون، وقاد ليفربول للفوز (2-1) والتعادل من دون أهداف على إستاد «ديلي البي» في تورينو، ليخرج العملاق الايطالي، وكذلك الحفاظ على نظافة شباك الفريق أمام تشلسي في نصف النهائي، وخلال هذه الفترة تسلم بينيتيز المسؤولية في ليفربول فباع هينشوز إلى بلاكبيرن وحول كاراغر إلى مركز قلب الدفاع، ليصبح الشريك الجديد للفنلندي. حضور بينيتيز إلى ليفربول اسقط شارة القائد من هيبيا التي تحولت إلى ستيفن جيرارد، وبدأت ترسم رحلة النهاية مع قدوم قلب الدفاع الدنماركي ادنيال اغر عام 2006 ومارتن سكرتيل عام 2008، فعلم هيبيا أن المدرب يبحث عن بدائل شابة بعدما دخل «جبل الجليد» الفنلندي في خريف مسيرته بالملاعب، وما زاد من قناعته للمغادرة أن بينيتيز سحب اسمه من اللائحة التي قدمها للاتحاد الأوروبي لفريقه الذي سيشارك في دوري أبطال أوروبا 2008/2009 ،علماً أن اللائحة ضمت لاعبين مثل الايطالي اندريا دوسينا، والسويسري المصاب فيليب ديغن، ومع إعلان موسم 2008/2009 نهايته، طوى هيبيا قميصه وغادر نحو بايرن ليفركوزن الألماني.لعب هيبيا في آخر موسم مع ليفربول 16 مباراة في الدوري، فوصل رصيده إلى 464 مباراة، سجل خلالها 35 هدفاً في جميع المسابقات، فاحتل المركز رقم 20 على لائحة أكثر لاعبي ليفربول مشاركة مع الفريق. لن ينسى هيبيا يوم 29 أيار (مايو) 2009، إذ شارك في آخر مباراة له على إستاد انفيلد، وكسب ليفربول المركز الثاني من المسابقة، وكان هناك فخر له للمشاركة في المباراة، إلا انه أصيب بصدمة يوم علم انه لن يكون على خط البداية للمباراة، وفي الواقع أشركه بينيتيز في الدقيقة 84، لكي يتمكن من وداع جمهور الفريق، إذ واجه عاصفة من التصفيق لتغلبه الدموع وهو يحيي الجماهير التي أسعدها طويلاً. مسيرة هيبيا (36 عاماً) لم تنته بعد وهو ترك انطباعاً سريعاً في ألمانيا ولعب لغاية الآن كل مباريات الفريق الألماني. وخلال 10 سنوات واجه سامي هيبيا أفضل المهاجمين بكل رباطة جأش، مثل الانكليزي الن شيرر والهولندي دينيس بيرغكامب ومواطنه رود فان نيستلروي، ما جعله يترك إرثاً مهماً فهو «الفنلندي الذي لا يخاف».