أفادت مصادر جزائرية مطلعة أن أجهزة الأمن تُحقق في علاقات مفترضة لعدد من مسؤولين محليين على بلدات في شمال مالي مع فرع «القاعدة» المغاربي في الصحراء. وتمكنت الأجهزة الجزائرية من تحديد قائمة هؤلاء المسؤولين بناء على معلومات مفصلة وردت في التحقيقات التي أُجريت مع عماري صايفي الشهير ب «عبدالرزاق البارا» و «عبدالقادر بن مسعود» القياديين السابقين في «الجماعة السلفية للدعوة والقتال»، وبناء أيضاً على معلومات جديدة وردت من فرق «مكافحة الإرهاب» في الصحراء. وقالت هذه المصادر إن أجهزة الأمن الجزائرية باتت تعرف التفاصيل الكاملة لقضية إطلاق أربعة معتقلين سلفيين في مالي في مقابل إفراج تنظيم «القاعدة» قبل شهور عن ديبلوماسيين كنديين كان يحتجزهما من ضمن مجموعة من الرهائن الغربيين الآخرين. وتابعت أن الأمن الجزائري أعاد فتح «ملفات قديمة» لعدد من المسؤولين المحليين في بلدات شمالية في مالي حيث يتمركز الفرع الصحراوي ل «القاعدة». وكانت أسماء هؤلاء وردت في تحقيقات سابقة بوصفهم «رجال ظل» في صفقات أبرمها التنظيم المسلح عبر الصحراء الذي كان عناصره يتمكنون غالباً من الفرار قبل أن تصل قوات الأمن لاعتقالهم، ما أثار مخاوف من أن «القاعدة» (وقبلها «الجماعة السلفية») تخترق المسؤولين المحليين في شمال مالي. وتابعت المصادر أن التحقيق الجزائري الحالي يشمل قائمة بتجار كبار في منطقة الساحل أيضاً. والظاهر أن الأمن الجزائري عثر على أدلة تثير الشكوك في تورط عدد منهم، وبعضهم عُرف بتجارة الألبسة بين الجزائر ومالي في شكل قانوني، بتأمين أسلحة إلى التنظيم في مقابل تأمين الجهة الأخيرة نقل شحنات من المخدرات عبر ليبيا إلى مصر. وكانت المصادر الجزائرية تتحدث إلى «الحياة»، أمس، عن هذا الموضوع بناء على استفسار في شأن ما إذا كان لعملية بشار (ألف كلم غرب العاصمة) يوم الأربعاء الماضي علاقة بتنظيم «القاعدة». وتمكن حرس الحدود في بشار من إحباط محاولة لتهريب ثلاثة أطنان ونصف طن من الكيف المعالج، كانت مهربة على متن سيارات رباعية الدفع في منطقة وادي الداورة بدائرة تبلبالة (ولاية بشار). كما حجز حرس الحدود أسلحة حربية وذخيرة. ولم تخف المصادر تعاون «عبدالرزاق البارا» نائب أمير «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» سابقاً، في تحديد فصول علاقة «الإرهاب بالتهريب». إلا أن التحوّلات التي شهدها هيكل «الجماعة السلفية» وتحوّلها إلى تنظيم «القاعدة» منذ اعتقال «البارا» في 2004، أدت بطبيعة الحال إلى تغييرات في خطط التنظيم في المنطقة الصحراوية في شمال مالي حيث كان ينشط «البارا». وبسبب قدم المعلومات التي أدلى بها الأخير، فقد وجد الجزائريون الآن أنهم في حاجة إلى تحقيقات جديدة، علماً أن الناشط الجزائري قدّم معلومات سمحت بكشف هوية عدد من الممولين الأساسيين المفترضين ل «القاعدة» بالسلاح، إضافة إلى كشف شبكة واسعة من العملاء الناشطين من فترة طويلة قرب الحدود الجزائريةجنوباً. وأفادت المصادر أن أجهزة الأمن في ولايتي تمنراست وإليزي (2000 كلم جنوب العاصمة) تمتلك آلاف التقارير عن صلات تجار كبار ومهربين ب «القاعدة» في شمال مالي وجنوبالجزائر. وقدم مسؤولون جزائريون في اجتماع لقادة عسكريين قبل شهور في تمنراست (جنوب) تقريراً ملخصاً يحدد الوضع بدقة. ويشير التقرير إلى نشاطات مشبوهة لمهربي سجائر في الجنوب وتجار ألبسة وماشية، ويتناول حجم التنسيق السائد مع جماعة «عبدالحميد أبو زيد» المعروف ب «عبدالحميد السوفي». كما يقدم التقرير المواقع المفضلة لعبدالحميد أبو زيد لإتمام صفقاته. وحدد التقرير منطقة برج باجي مختار الحدودية الليبية في أقصى الجنوب الشرقي على التماس مع النيجر، كإحدى المواقع المفضلة للقيادي المذكور. لكنه لفت إلى أن الأخير كثير التنقل والحرص على عدم الظهور في مواجهة أمام قوات الجيش الجزائري.