يواجه بعض الشباب من الجنسين مشكلة إذا أزمعوا الزواج، وأحياناً إذا امتنعوا عن الزواج، عندما يكون رأي الوالدين أو أحدهما مخالفاً لاتجاهه، والشباب الذكور على رغم أهمية أن يكونوا على وفاق عملي ونفسي مع أهاليهم عند الزواج إلا أن حالهم تعتبر أفضل كثيراً من الفتيات، أولاً لأن المجتمع يمنحهم أفضلية ليست مستحقة على إطلاقها، وكذا الجهات المعنية تعطيهم ولو بشكل غير رسمي حدوداً أوسع لصلاحياتهم على أنفسهم، وبعضهم عندما يصرّ أهله على تزويجه وهو غير راغب ما عليه إلا الرضوخ والتجربة ثم يرى إن عجبته الحال «يا دار ما دخلك شر» وإلا فالطلاق في عرف بعض الرجال أسهل عليهم أحياناً من الذهاب بالغسالة إلى الورشة، أما إذا رفضوا تزويجه من واحدة بعينها فيمكنه التنفيذ من دونهم إذا كان وضعه ووضعها الاجتماعي يسمحان بذلك. أما الفتاة إن أصرّوا عليها فالطلاق لا يتسنى بسهولة، وإن رفضوا لها مرشحاً كفؤاً لا تملك من أمرها شيئاً. ومناسبة الحديث امرأة في منتصف الثلاثينات يرفض أهلها تزويجها من رجل من جيلها فقط لأن «شكله ما عجبهم»، وهي حاولت أن تعرف ما الذي يمكن أن يعجبهم حتى تفصل بطريقتها عريساً يناسبهم فلم تصل إلى نتيجة. بعد تردد طويل استجمعت قواها وصارحت والدتها بأنها بحاجة بيولوجية ونفسية للزواج والأمومة، فاتهمتها بعد أن أبلغت والدها بأنها «قليلة الحياء»، استشارت من تثق بعقله ودينه فأشار عليها برفع قضية عضل في المحكمة ليزوجها القاضي ويكون ولي أمرها، إذ يجيز الشرع ذلك عند وجود الرجل الكفؤ وممانعة الولي من دون سبب مقنع، لكنها خجلت أن «تجرجر» والدها في المحاكم، وآثرت بر الوالدين على بر نفسها، وعادت إلى إمضاء أيامها بين الصبر والاحتساب ومحاولة انتزاع البسمة من والديها، والأيام تمضي، وهذه الملكة بإيثارها وأخلاقها تموت ببطء، وتذبل يوماً بعد يوم. السؤال هنا عن الحدود المعقولة للبر، بر الوالدين تحديداً، والعلاقة المتوازية والمتقاطعة مع تعاليم إلهية واضحة «وبالوالدين إحساناً» و«لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»، ثم يتفرع منه السؤال هل منع الابنة من الزواج وحرمانها من حقها الشرعي هو معصية للخالق؟ وفي أي درجة هو من المعاصي؟ هل هو ذنب يوجب التعزير؟ أم يكفي عقاب ولي الأمر بتزويجها رغماً عنه وفقاً للشرع كعقاب نفسي؟ معظم الفتيات، وغالباً هن تجاوزن سن الفتوة وأصبحن في منتصف العمر، عندما يوجّهن أسئلتهن ويطرحن قضاياهن على علماء الدين والمجتمع في الوسائل الإعلامية ينصحونهن بمحاولة التفاهم مع الأهل، ثم يوجهون النصيحة للأهل بالرفق ببناتهم وأبنائهم، لكن ذلك لا يجدي أحياناً، فما هو الحل؟ [email protected]