خرج التهديد بانسحاب الرئيس محمود عباس من المشهد السياسي الفلسطيني، من الكواليس الى العلن امس عندما أعلن أحد كبار مساعدي الرئيس الدكتور صائب عريقات انه لن يخوض الانتخابات المقبلة في حال واصلت اسرائيل اجراءاتها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية. وقال عريقات ل «الحياة»: «اذا واصلت اسرائيل الاستيطان واستثناء القدس وتقسيم الارض الفلسطينية، فان الرئيس لا يفكر بخوض الانتخابات». وكان عباس اعلن أخيراً عن مرسوم رئاسي يدعو الى اجراء انتخابات عامة في الاراضي الفسطينية في 24 كانون الثاني (يناير) المقبل. وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية بدء التحضير لاجراء الانتخابات في الموعد المحدد، وشرعت في تسجيل أسماء المؤسسات الراغبة في اجراء الرقابة على الانتخابات. وتأتي التهديدات بعدم خوض عباس الانتخابات عقب تراجع الادارة الاميركية عن مواقفها المطالبة بالتزام اسرائيل بوقف الاستيطان بصورة كلية، بما فيه النمو الطبيعي في المستوطنات، قبل استئناف المفاوضات. وكانت رسائل فلسطينية بهذا الخصوص وصلت أخيراً الى ادارة الرئيس باراك اوباما الذي سارع لاجراء اتصال هاتفي مع عباس طمأنه فيه على التزامه بحل الدولتين، وأكد له دعمه الكامل له. ويخشى الفلسطينيون الذين يتعرضون لضغط اميركي لاستئناف المفاوضات من دون وقف الاستيطان، من قيام ادارة اوباما بتحميلهم المسؤولية عن عدم استئناف هذه المفاوضات. وكانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون أعلنت لدى زيارتها إسرائيل اخيراً ان قبول الحكومة الاسرائيلية تجميداً جزئياً للاستيطان يشكل موقفاً «غير مسبوق»، داعية الفلسطينيين الى العودة الى المفاوضات من دون اي شروط مسبقة. ونقلت كلينتون لعباس في لقائها به في أبو ظبي مطلع الاسبوع عرضاً اسرائيلياً يقوم على تجميد الاستيطان في الضفة الغربية بعد استمكال بناء ثلاثة آلاف وحدة استيطانية جديدة، مع مواصلة البناء العام في المستوطنات. ويستثني العرض الاسرائيلي مدينة القدس التي يعتبرها رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو خارج دائرة التفاوض. وحاولت كلينتون اعادة طمأنة الفلسطينيين بعد اعلانها المذكور، فصرحت بأن الموقف الاسرائيلي «غير مسبوق»، لكنه «لا يرقى الى مطالب واشنطن» بالوقف التام للاستيطان. وكان المبعوث الاميركي لعملية السلام جورج ميتشيل اجرى جولات مكوكية الى المنطقة طيلة الاشهر الثمانية الماضية في محاولة لحمل اسرائيل على وقف الاستيطان. وعندما فشل في ذلك، تحول الموقف الاميركي الى مطالبة الجانب الفلسطيني بالعودة الى المفاوضات من دون شروط، مع التأكيد على مواصلة العمل من اجل اقناع حكومة نتانياهو بوقف الاستيطان. ويقول مسؤولون فلسطينيون ان الادارة الاميركية تراجعت عن التزامها وقف الاستيطان بعد تعرضها لتهديدات من غالبية اعضاء الكونغرس الذي نجح اللوبي اليهودي في التأثير على موقفه لمصلحة مواصلة البناء في مدينة القدس. وقال مسؤول فلسطيني: «كل الرسائل التي تصل من الكونغرس الى البيت الابيض تطالب اوباما بالكف عن توجيه الضغط على رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو من اجل وقف البناء الاستيطاني في القدس، وتهدد بعدم تمرير اي برنامج للرئيس اوباما، خصوصاً برنامجه الصحي، في حال مواصلته الضغط على نتانياهو لوقف البناء في القدس».