أرسلت طهران إشارات متناقضة أمس، حول موقفها من مشروع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي لتخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج. وفي وقت اعتبر وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي ان هذا الخيار لا يزال قائماً، أوحى المندوب الإيراني لدى الوكالة الذرية علي أصغر سلطانية بالعكس، اذ تجنب الرد مباشرة على أسئلة عما اذا كانت طهران ترفض مشروع البرادعي، مشيراً الى استعداد بلده «لشراء الوقود من أي جهة كانت»، وللمشاركة في اجتماع جديد في فيينا لتبديد «هواجسنا». لكن البرادعي استعجل إيران الرد على مشروعه. وقال في كلمة ألقاها في مقر الأممالمتحدة: «ثمة أسئلة او تأكيدات عدة حول طبيعة البرنامج (النووي) الإيراني ما زالت عالقة، وعلى إيران توضيحها من خلال الشفافية والتعاون مع الوكالة». وأضاف ان «الرد على مخاوف المجتمع الدولي حول نيات ايران المستقبلية، هو أولاً مسألة إرساء الثقة، وهذا لا يمكن بلوغه إلا عبر الحوار». وتابع: «لذلك أناشد ايران ان تكون منفتحة الى أبعد حد ممكن، للرد سريعاً على اقتراحي الأخير الذي يرتكز الى مبادرة الولاياتالمتحدةوروسياوفرنسا ويستهدف إدخال إيران في سلسلة تدابير من شأنها ان تؤدي الى تمهيد الطريق امام حوار كامل وجوهري بين ايران والمجتمع الدولي». في غضون ذلك، حذر «الحرس الثوري» الإيراني ومجلس صيانة الدستور المعارضة أمس، من استغلال إحياء الذكرى الثلاثين لاحتلال السفارة الأميركية في طهران غداً الأربعاء، «لتنفيذ مؤامرات الشيطان الأكبر». وكانت مواقع إلكترونية إصلاحية دعت الى تنظيم تظاهرات «سلمية» في هذه الذكرى، احتجاجاً على نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة. تزامن ذلك مع حظر السلطات الإيرانية صحيفة «سرماية» الإصلاحية التي تنتقد السياسات الاقتصادية للرئيس محمود أحمدي نجاد. وعلى صعيد الملف النووي، قال متقي: «درسنا الاقتراحات ولدينا بعض الملاحظات الفنية والاقتصادية عليها. قبل يومين، ابلغنا الوكالة الذرية بوجهات نظرنا وملاحظاتنا، لذلك من المحتمل جداً تشكيل لجنة فنية لمراجعة كل تلك المسائل وإعادة النظر فيها». وسئل هل ان ذلك يعني رفض إيران مشروع البرادعي، فأجاب: «كلا». في فيينا، أعلن سلطانية «استعداد (طهران) لشراء الوقود من أي جهة كانت، ودفع ثمنه من دون أي شرط آخر، كما فعلنا قبل 20 سنة مع الأرجنتين، بإشراف الوكالة الذرية». وتجنب سلطانية الرد مباشرة على أسئلة كثيرة عما اذا كان ذلك يعني رفض مشروع البرادعي، قائلاً: «نحن مستعدون للجولة الثانية من المناقشات التقنية في فيينا بمقر الوكالة الذرية، للتأكد من ان هواجسنا حول نقاط فنية سيتم أخذها في الاعتبار، خصوصاً قضية الضمانات حول تسليم الوقود». ولفت الى ان «الغرب يطالبنا برد سريع حول مشروع الاتفاق النووي، في وقت دفعت إيران أموالاً لكنها لم تحصل على أي شيء من فرنسا»، في إشارة الى امتناع باريس عن تزويدها وقوداً نووياً بعد الثورة الإسلامية. في غضون ذلك، حذر وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير من ان الدول الست المعنية بالملف النووي الإيراني، لن تقبل برد «تسويفي». وقال بعد لقائه نظيره الألماني غيدو فسترفيلي: «اذا كان رد إيران تسويفياً كما يبدو لي، لن نقبل ذلك». وأضاف أن «موقف الدول الست لا يزال كما هو: ننتظر من إيران ان تقبل رسمياً اقتراح الوكالة الذرية». في الوقت ذاته، أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند ان روسيا وبريطانيا تريدان «رداً سريعاً» من إيران على مشروع البرادعي. وقال بعد لقائه نظيره الروسي سيرغي لافروف أن «الملف النووي الإيراني لا يمكن تسويته، إلا إذا واصلت طهران المفاوضات مع الدول الست» (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا). اما لافروف فحضّ إيران على «المصادقة» على اتفاق فيينا، داعياً الى اجتماع جديد للدول الست وإيران. على صعيد آخر، نقلت وكالة الانباء الايرانية الطلابية، عن بيان لوزارة الاستخبارات، ان ايران افشلت محاولة لاغتيال مسؤول في الحكومة واعتقلت خمسة «ارهابيين». وقال البيان ان «الارهابيين كانوا يريدون بتعليمات من اجهزة الاستخبارات الاميركية... اغتيال مسؤول في النظام للايهام بان البلاد غير مستقرة امنيا». وذكر ان «الارهابيين خططوا لاغتيال احد اعضاء الحكومة» مرتين وان المحاولة الثانية تمت قبل ايام مع اقتراب ذكرى احتجاز رهائن في السفارة الاميركية في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 1979.