اعتبر الأمين العام المساعد أمين السياسات في الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم في مصر جمال مبارك أن الجدل الذي يشهده المجتمع المصري الآن حول الانتخابات الرئاسية «نتاج لسياسات الحزب الوطني ومبادراته لتعديل المادة 76 من الدستور في العام 2005». وهاجم منتقدي الحزب الوطني الذين يرفعون شعارات «لا تصنع المستقبل». وقال إن الوطني سيخوض الانتخابات البرلمانية في العام المقبل على «قلب رجل واحد» وإن لا تفتيت للأصوات في هذه الانتخابات كما حصل في 2005. وشهدت الساحة السياسية في مصر أخيراً جدلاً حول الانتخابات الرئاسية المقررة في العام 2011، ورشّحت وسائل إعلام خاصة أسماء شخصيات عامة من بينها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي والعالم المصري أحمد زويل لخوض انتخابات الرئاسة. وطُرحت تساؤلات حول مرشح الحزب الحاكم لهذه الانتخابات وهل سيكون جمال مبارك، لكنها قوبلت بصمت من الحزب الذي أعلن أن مؤتمراً خاصاً سيعقد قبل الانتخابات بفترة كافية لاختيار مرشحه. وتحدث جمال مبارك أمس خلال جلسة عامة عقدت في مستهل اليوم الثاني للمؤتمر السنوي السادس للحزب الوطني الذي يختتم أعماله اليوم. وشهد اليوم الثاني للمؤتمر كلمة لرئيس الوزراء أحمد نظيف استعرض فيها «إنجازات الحكومة» في السنوات الماضية وما تم تنفيذه من البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك وسياسات الحكومة في السنوات المقبلة. واختتم اليوم الثاني لمؤتمر الوطني بمؤتمر صحافي لجمال مبارك الذي كان دافع في كلمة صباحية عن سياسات حزبه واستغرب الانتقادات التي توجه إلى هذه السياسات «وأساسها الشعارات». وأكد جمال مبارك في تقريره أن الوضع السياسي في مصر تغير وأن المجتمع يشهد تحولاً نحو الأفضل. وقال: «الحزب ماض في طريقه من دون التفات إلى حملات المشككين والمغرضين الذين يرددون شعارات لا تصنع مستقبلاً ولا يدخلون في حوار حقيقي حول تفاصيل البرامج والمشاريع التي يطرحها الحزب وتنفذها حكومته». ورحب بالحوار مع «المعارضة البناءة» للوصول إلى أفضل السياسات التي تخدم المواطن البسيط وتسهم في تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس. ونوّه بمساحة الحرية والاختلاف في الرأي المتاحين في المجتمع، معتبراً أن «الجدل الذي يشهده المجتمع الآن حول الانتخابات الرئاسية هو نتاج لسياسات الحزب ومبادراته لتعديل المادة 76 من الدستور في العام 2005، والتعديلات الدستورية اللاحقة في العام 2007». وقال: «مصر تشهد مساحة غير مسبوقة من حرية الرأي والتعبير وهذا لم يأت من فراغ... الحوار عن (الانتخابات الرئاسية في العام 2011) والأحزاب التي تجهز نفسها وهذا الجدل ما كان ليحدث لولا تعديل الدستور». وهاجم جمال مبارك منتقدي الحزب الوطني، معتبراً أن لا أساس لانتقاداتهم، وقال: «بدأ الحديث (من المنتقدين) قبل التطوير عن عدم وجود شباب داخل الحزب، وحين ظهرت القيادات الشابة بعض الأقلام تحدث عن (صراع بين) الحرس القديم والجديد، وفشلت هذه الحملة. وبعدها جاء الحديث عن انشقاق داخلي في الحزب الوطني... يفهمون الحوار الجدي على أنه انشقاق... هذه حيوية الحزب... نعم نختلف وداخل البيت الواحد لكن في النهاية نصل لاتفاق». ورأى أن هناك «محاولات مستمرة من البعض لخلق حالة سلبية عن الحزب الوطني... ادعوا أن أمانة السياسات تسيطر على الحزب لكن لا يعلم البعض ولا يريد أن يعلم أن الحزب تحكمه صلاحيات ونظام ولا أحد يتنازل عن اختصاصاته داخل الحزب... نحن نتفاعل نتفق ونختلف للصالح العام». وأضاف: «حاولوا (أي منتقدي الحزب الوطني) أن يصوروا قيادات الحزب كمجموعة متناثرة من الناس لها مصالح... لدينا تنافس مشروع يفسره البعض على أنه انشقاق وخلاف ونحن نراه حيوية». وقال جمال مبارك: «أسهل شيء الشعارات... رفع شعار من دون مضمون ومن دون تفاصيل... سمعنا شعارات كثيرة: حزب رجال الأعمال، حزب يصنع سياساته خلف الأبواب المغلقة... نحن مستعدون للدخول في حوار حقيقي (مع المعارضة) للارتقاء بالمواطن (لأن) الشعارات قد تؤثر على المدى القصير لكنها لن تصنع مستقبلاً... لن نلتفت لمحاولات التشكيك... نحن لسنا حزب رجال الأعمال، نحن حزب الاستثمار (في) المشاريع الكبيرة والصغيرة». وحدد جمال مبارك ثلاثة تحديات تواجه الحزب العام المقبل، أولها «الاستعداد لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى وانتخابات مجلس الشعب... الحزب سيخوض هذه الانتخابات على قلب رجل واحد ولدينا ثقة في تحقيق نتائج أفضل من الانتخابات السابقة». وأوضح أن التحدي الثاني هو الإسراع في تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك، مشيراً إلى أن الاستعداد للانتخابات «لن يلهي الحزب عن ذلك». وأضاف أن التحدي الثالث هو التفكير في المستقبل. وقال: «الهجوم على الحزب لن يشغلنا عن السير قدماً لما فيه صالح المجتمع». في غضون ذلك، استقبلت جماعة «الإخوان المسلمين» هجوم قادة الوطني في اليوم الأول من مؤتمرهم السنوي بمزيد من التحدي وأكدت أنها ستدخل الاستحقاقات النيابية المقبلة على رغم ما وصفته ب «حملات التخويف» التي يشنها الحزب الحاكم وحكومته. وكان الأمين العام للوطني صفوت الشريف قال إن رسالة حزبه هي «توطيد الدعائم الأساسية لدولة مدنية تنأى بمجتمعنا عن أي تنظيمات تنشأ على مرجعيات دينية تفرّق ولا توحد»، فيما اعتبر أمين التنظيم أحمد عز أن فوز جماعة «الإخوان» ب 88 مقعداً برلمانياً في انتخابات 2005 جاءت «بعد عمليات تفتيت أصوات صبّت في مصلحة» مرشحي «الإخوان»، معتبراً أنه «يخطئ من يؤمن يوماً أن الديموقراطية آتية على أكتاف المرشد». غير أن عضو مكتب إرشاد «الإخوان» ورئيس كتلة في البرلمان النائب سعد الكتاتني أكد أن «هذا الحديث (هجوم الوطني) لا يستحق الرد ويدل على الإفلاس السياسي». وقال: «إذا كان الوطني يتحدث عن إنجازاته فلماذا لم يحدثنا عن تعامله مع أزمة البطالة أو توفير مياه شرب نظيفة»؟ وشدد على أن الجماعة «ستدخل الاستحقاقات النيابية التي تجري العام المقبل بتحد أكبر». وقال ل «الحياة»: «قبلنا التحدي وبيننا وبينهم صندوق الاقتراع». وأضاف: «إذا كان الحزب الوطني وحكومته يستطيعان تحقيق انتخابات حرة ونزيهة فبيننا وبينهم الناخبون». وزاد: «ستدل الانتخابات على مدى شعبية الحزب الوطني في الشارع، فالمحك الحقيقي هو عدد المقاعد التي سيحصل عليها في الانتخابات المقبلة في حال كانت الانتخابات نزيهة».