تحسن سعر صرف الدولار الاميركي امس بعد تراجعه الخميس، في حين عادت مؤشرات البورصات الغربية الى السلبية اثر نشر بيانات عن انخفاض انفاق المستهلكين الاميركيين في ايلول (سبتمبر) الماضي نصف في المئة للمرة الاولى في خمسة شهور، ما عزز القلق من ان الاميركيين ربما يخفضون مشترياتهم في الربع الاخير. وخسرت المؤشرات الاميركية مكاسب «النمو» المحققة الخميس، وخسر «داوجونز» اكثر من 200 نقطة، متراجعاً للاسبوع الثاني دون مستوى 10 الاف نقطة وسط قلق من عودة مؤشر «ستاندارد اند بورز – 500» دون حاجز الالف نقطة. وسجلت المؤشرات الاوروبية انخفاضاً مماثلاً اثر فتح البورصات الاميركية. وانعكس التشاؤم على النفط وتراجع البرميل بنسبة 2.5 في المئة اي نحو دولارين الى 78.50 دولار. وفي انتظار اجتماع مجلس الاحتياط الفيديرالي (المركزي الاميركي) الاسبوع المقبل للنظر في حوافز الاقتصاد وما اذا كانت الادارة ستنظر في تمديد فترة الحوافز او تجميدها، ابدى اقتصاديون على جانبي الاطلسي شكوكاً في شأن ما اذا كانت ارقام ايجابية عن نمو الاقتصاد الاميركي تعكس صحته وخروجه من الركود ام ان هذه الاحصاءات عابرة. وقال جيرمي ستريتش من «رابو بنك» في لندن «ان الاسواق تنتظر احصاءات ايجابية مستمرة لتقتنع ان مسيرة النمو ستدوم». وحتى الآن لا تزال ادارة الرئيس باراك اوباما مترددة في مد فترة الحوافز، التي وافق عليها الكونغرس سابقاً والبالغة 787 بليون دولار، «كي لا تزيد عجز الموازنة المقدر بنحو 1.4 ترليون دولار». ومع تراجع انفاق المستهلك وانخفاض التضخم في اكبر اقتصاد في العالم لا يُنتظر ان يُعدل مجلس الاحتياط الفيديرالي سياسة الفائدة برفعها على الدولار من مستوى يقارب الصفر ما سيزيد الضغوط على المستثمرين بالدولار. ووفق تحليل لمستقبل الدولار رأى اروين ستلزر المستشار الاقتصادي مدير السياسة الاقتصادية في معهد «هدسون» الاميركي «ان العالم لن يتخلى عن الدولار كعملة احتياط لأن لا عملة بديلة يمكن ان تلعب دوره». واعتبر ان الصينيين غير راضين عن تراجع سعر صرفه بسبب خسائرهم التي قد يسجلونها نتيجة استثماراتهم بالعملة الخضراء، ويبدي الاميركيون غضبهم من الصينيين الذين يرفضون زيادة سعر صرف العملة (رينمينبي) ما يجعل السلع التي ينتجونها اكثر تنافسية في الاسواق الاميركية ويسمح بتشغيل ملايين العمال الصينيين على حساب زملائهم الاميركيين. ولا يستطيع الاوروبيون شيئاً تجاه اليورو المرتفع قيمة الصرف ما يحد من صادراتهم الى الاسواق الاميركية والآسيوية. ويخشى الاميركيون من ان التراجع الاضافي في قيمة الدولار قد ينهي دوره على قمة هرم العملات الدولية لكنهم يرون ان ضعفه يساعد في زيادة صادراتهم ويخفض العجز في ميزانهم التجاري مع العالم. ويلجأ منتجو السلع مثل النفط والنحاس والقصدير الى رفع الاسعار كلما انهار الدولار لتعويض الخسائر لكنهم لا يجدون البديل لاعتماده عملة اساسية في التسعير. ويشترك جان بيساني فيري مدير معهد بروجيل الاقتصادي مع آدم بوسن من معهد بيترسون في واشنطن في القول «ان لا دلائل على الاطلاق عن اتجاه العالم الى اعتماد اليورو عملة احتياط بدلاً للدولار الذي لا يزال يحتل المرتبة الاولى في الاحتياط الدولي وبنسبة ثلاثة اضعاف الاحتياط المقوم باليورو. ويشير الاقتصاديون الى ما جرى اثناء ازمة الائتمان عندما استعان البنك المركزي الاوروبي بمجلس الاحتياط الفيديرالي (المركزي الاميركي) لتأمين السيولة وضخها في الاسواق والمصارف الاوروبية والعالمية كلها. وقال براين باندسمان من «فونتوبل اسيت مانجمانت» في نيويورك ل»الحياة» ان ما نلمسه هو «تراجع متدرج للدولار سيبقى مسيطراً على الاسواق على الاقل حتى نهاية السنة 2011 وان الفترة من الآن حتى منتصف العقد المقبل «ستشهد تحولاً متدرجاً عن الدولار في التجارة الدولية لكن ليس لحساب عملة منفردة».