خرج الشاعر والملحن اللبناني طارق زين عن صمته، وأعلن أن أغنية «بلون الدم» التي أدتها المغنية مي حريري تزامناً مع الحرب على غزة، هي ملكه، كاشفاً أن مي لم تدفع ثمن الأغنية حتى الآن، ولم تأتِ على ذكر اسم مؤلفها، على رغم أن الإذاعات بثت الأغنية، وذكر بعضها أنها من كلمات المغنية... ما فتح سجالاً بين الشاعر، وبين هاتف معاونها الذي لم يعد يجيب على اتصالات زين! «تفتح هذه القضية صفحات كثيرة من كتاب مظلومية شعراء الأغنية الشبان»، يقول الشاعر اللبناني يوسف سليمان، على رغم أن بعضهم ارتضى بالأمر الواقع « طالما أنني غير مشهور»، وباع موهبته « لمن يدفع أكثر»، فاشترى فنانون هذه الإنتاجات الأدبية «بثمن بخس وبوعود التعويض في أغنيات أخرى». ظاهرة نسب كلمات الأغنيات والألحان الى أسماء أخرى، ليست وليدة اليوم. ومن بين أبرز المواقف المشابهة، تمكّن الشاعر المغمور في الجنوب اللبناني حسن حرقوص من انتزاع 100 ليرة لبنانية من ابن قريته الفنان عبد الجليل وهبي كتعويض عن أغنية «عالعصفورية» التي غنتها صباح (مطلع الستينات من القرن العشرين)، في محكمة لبنانية متخصصة. قصة عجيبة! وإذا كان لكل أغنية قصتها، فإن قصة الشاعر والملحن طارق زين مع الفنانة مي حريري «تثير العجب»، على حد تعبيره. فبعد أن سُئل عن ثمن أغنية «بلون الدم»، أجاب زين ايلي المندلق مدير أعمال الفنانة بعبارة «لن نختلف»، وتوجه الى حريري لتدريبها على أداء الأغنية بما يتناسب مع صوتها... ومنذ ذلك الحين، لم يعد يسمع إجابة من حريري ولا من مندلق عما اذا كانت ستأخذ الأغنية. وبعد فترة قصيرة، حاول زين الاتصال بمندلق، لكنه لم يجب، فكتب له رسالة قصيرة بأن أحدهم يريد شراء الأغنية، فردّ مندلق بأن الأغنية سجلت وستبث عبر الإذاعات... وحتى اليوم، لم يدفع ثمن الأغنية ولم يصدر اسم الشاعر على كلماتها. «وإضافة الى ذلك يطالبونني بالتنازل عنها»، يقول زين الذي يوجه عتباً الى مي على ما حدث، «لأن ما يربطني بها أكبر من موضوع المال وهي بمثابة أخت لي، وقد غنّت أغنية «عمر تاني» من كلماتي». في المقابل نال الشاعر يوسف سليمان حصته «من ملحنين وفنانين أخذوا أغنياتي من دون أدنى اشارة الى اسمي، ولم يمنحوني حقي المادي»، كاشفاً أن بعض الفنانين «عوضوا عليّ»، والبعض الآخر «قدم اعتذاراً» مثل احدى النجمات اللبنانيات التي دفعت ثمن خطأ ارتكبه ملحن تتعامل معه، «لكنني وعدتها بعدم فضح اسم الأغنية ولا اسم الملحن». وتكفل الوقت، بحسب سليمان، «بمعالجة هذا الجرح المعنوي جراء أغنية الفنانة اللبنانية وأغنية الفنان العراقي». بدل مادي وعلى رغم أن بعض الفنانين يحمّل الملحنين مسؤولية التعتيم على الشعراء، يرتضي بعض الشعراء أن تبقى أسماؤهم وراء الأضواء، مقابل حصولهم على حقوق مادية. وصرّح أحد الشعراء المغمورين، رافضاً الكشف عن اسمه، بأنه يكسب ما لا يقل عن أربعة آلاف دولار شهرياً ثمن أغنيات تباع بأسماء ملحنين وفنانين آخرين. ويبرر رضاه قائلاً: «انا شاعر مغمور، ولا استطيع الوصول الى الفنانين والملحنين لأن اسمي ما زال ضعيفاً، ولولا هذه المقايضة في المرحلة الحالية لما استطعت أن أشتري سيارة من الطراز الحديث وأكفي نفسي عوز الأيام»، مراهناً على اصداراته من كتب الشعر «للتعويض المعنوي ولتحقيق شهرة تقودني الى اصدار اسمي على أغنيات الفنانين». ويتوقف الملحن اللبناني هيثم زياد عند هذه القضية، رافضاً تهميش اسم الشاعر «مهما كانت الظروف» لأن الشاعر يكتب ما في داخله ولا يسأل عن المال»، معتبراً أن الشعراء «مفتاح أضخم ملحن وفنان في الدنيا». ويشير زياد الى أن بعض الملحنين يكتبون اسماءهم على كلمات بعض الأغاني، موضحاً أن اياً من الأغنيات التي لحنها لا تحمل اسمه على كلماتها، وأنه يحصل على تنازل من جميع الشعراء عند كاتب بالعدل، ويشترط على الفنانين أن تحمل الأغنية اسم الشاعر والملحن. ويقول: «انا في موقف دفاع دائم عن الشعراء والموسيقيين، مقتدياً بالفنان الكبير عبد الحليم حافظ الذي كان يذكر اسم الشاعر والملحن والعازفين قبل أن يقدم أية أغنية». ويفتح زياد على موضوع آخر يثير حفيظة الشعراء والملحنين في العالم العربي، وهو تصدر اسم مخرج الأغنية في الفيديو كليب الشاشة، بينما يمر اسم الملحن والشاعر «مرور الكرام»، مبدياً تعجبه من هذا «التصنيف»، ومحملاً المخرجين مسؤولية تهميش الشاعر والملحن «لأن ما يطلبانه هو كلمة شكر وتقدير فقط، وليس المال». شعراء خرجوا من خلف زجاج دفاترهم الأسود، وأعلنوا عن مظلوميتهم، وآخرون لم يتجرؤوا، على رغم مطالبات بوضع حدّ لهذا «الاستغلال»... ولعل آخر ما تردد، الدعوى القضائية من الشاعر الغنائي علي المعتوق ضد الفنان عبدالله الرويشد في محكمة الجنح الكويتية، بتهمة «التطاول على حقوقه الملكية الفكرية لكلماته في الأغنية الوطنية «يا كويت» وتسويقها وبيعها لشركة زين من دون علم المعتوق».