إسلام آباد، واشنطن - أ ف ب، رويترز، يو بي آي – قتل 92 شخصاً على الاقل في انفجار سيارة مفخخة بكمية 150 كيلوغراماً من المتفجرات في سوق مكتظة في بيشاور، عاصمة الاقليم الحدودي الشمالي الغربي أمس، ما يشير الى تنامي حجم التهديد الدامي لمتطرفي حركة «طالبان» في البلاد. تزامن ذلك مع زيارة وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون لباكستان، حيث أكدت بعد الانفجار وقوف الولاياتالمتحدة الى جانب باكستان في قتالها ضد «الجماعات الوحشية المتطرفة». واعتبر التفجير في بيشاور أحد الاكثر دموية التي تشهدها الدولة النووية، واستهدف سوق مينا الاكثر ازدحاماً في المدينة المضطربة والتي تضم مباني مصنوعة من الأخشاب وأزقة ضيقة، ما ادى الى اشتعال حريق هائل اسفر ايضاً عن جرح 213 شخصاً، علماً ان كثيرين احتجزوا تحت انقاض المتاجر المدمرة. وأفاد شهود بأن الانفجار دمر مسجداً وثلاثة مبان محاذية للسوق، والحق اضراراً كبيرة بمساكن وسيارات. وكشفت مصادر طبية ان معظم القتلى من النساء والاطفال، باعتبار ان النساء هم الاكثر تردداً على هذه السوق، فيما وجهت نداءات للسكان بالتبرع بالدم، مشيرة الى ان جرحى كثيرين مصابون بحروق. وأكد الهجوم الجديد خطورة التهديد الذي تشكله «طالبان» في محاولتها نقل المواجهة الحالية مع الجيش في اقليمجنوب وزيرستان القبلي (شمال غرب) الى انحاء البلاد، وذلك على رغم استنفار القوات الحكومية. وسقط 200 قتيل على الاقل في سلسلة هجمات سابقة شنتها الحركة خلال الشهر الجاري، علماً ان بيشاور استهدفتها سبع هجمات خلال الأشهر الاربعة الاخيرة. وقال وزير الاعلام في حكومة الاقليم الحدودي الشمالي الغربي ميان افتخار حسين إنه «رد من الارهابيين على العملية التي تنفذ في جنوب وزيرستان. اننا نقتلهم هناك فيردون في مدننا، لكننا لن نرضخ للارهابيين». وأكدت كلينتون في اعقاب الانفجار وقوف بلادها الى جانب باكستان في قتالها ضد «الجماعات الوحشية المتطرفة العنيدة والشرسة التي تقتل الابرياء وتروع المجتمعات». وأضافت: «هذا كفاحنا نحن ايضا، ونشيد بالجيش الباكستاني لقتاله الشجاع، ونقف جنباً الى جنب مع الشعب الباكستاني في قتاله من اجل ارساء السلام والامن». وتابعت: «سنمدكم بالمساعدة التي تحتاجون اليها»، علماً انها صرحت خلال رحلتها الى إسلام آباد بأن الولاياتالمتحدة تفتح صفحة جديدة في العلاقات مع باكستان تشمل جوانب اخرى غير الاجندة الامنية ومكافحة الارهاب التي طبعت السنوات السابقة. ونريد «تعزيز الديموقراطية والمؤسسات المدنية». وأقرت كلينتون بوجود «سوء فهم وخلل في الاتصالات بين البلدين»، الا انها اكدت التزام ادارة الرئيس باراك اوباما ببناء علاقة طويلة الامد مع البلد المضطرب، معتبرة ان «فترة تسعة أشهر من حكم الادارة الاميركية الجديدة فترة غير طويلة لتغيير علاقة فيها كثير من الشوائب، لكننا رفعنا خلال تلك الفترة مستوى التخاطب وتبادل المعلومات». وتسعى الولاياتالمتحدة الى تعزيز الحكومة المدنية في باكستان التي توترت علاقاتها مع الجيش النافذ في اعقاب اقرار خطة المساعدات الاميركية غير العسكرية الضخمة البالغة قيمتها 7.5 بليون دولار. وانتقد الجيش والمعارضة الباكستانية هذه الخطة التي تهدف الى مساعدة باكستان في قتالها للتمرد الاسلامي، وذلك من طريق بناء مدارس وتدريب الشرطة وتعزيز الديموقراطية، بحجة انها تنتهك سيادة باكستان. لكن كلينتون اكدت ان الخطة لا تفرض شروطاً على باكستان، متعهدة تقديم مزيد من المساعدات. وقالت: «سنكشف بعض الاستثمارات الاميركية على الصعيد المدني»، في اشارة الى خلق الوظائف وايجاد مصادر طاقة يمكن الاعتماد عليها، وكذلك منح مساعدات في قطاعي التعليم والرعاية الصحية. وأضافت: «من المهم ادراك الثمن الباهظ الذي يدفعه الباكستانيون في الحرب على التمرد الاسلامي. الجيش ملتزم بشكل استثنائي ويجب ان ندعمه بالكامل». وفي سياق العمليات المستمرة في حنوب وزيرستان، أعلن الجيش مقتل 14 مسلحاً وتدمير 3 معاقل لهم، موضحاً ان 8 مقاتلين سقطوا في اشتباك اندلع عند طريق شيرونغي، فيما قتل 6 آخرون لدى قصف قوات الأمن مخابئهم باستخدام اسلحة ثقيلة في ماكين ومناطق مجاورة. واندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن والمسلحين في كوت قيصروغا وشير كوت ونواز كوت. وافيد عن تقدم الجيش في اتجاه منطقتي كروان منزا وأتمان منزا. على صعيد آخر، اعلن مقرر الأممالمتحدة الخاص لحقوق الانسان فيليب الستون ان الولاياتالمتحدة «يجب ان تثبت أنها لا تقتل الناس في شكل عشوائي من خلال استخدام طائرات استطلاع تعمل من دون طيار على الحدود الأفغانية، ما ينتهك القانون الدولي». وقال استاذ القانون الاسترالي إن «رفض الولاياتالمتحدة معالجة القلق المتزايد للمنظمة الدولية من احتمال ان يسفر استخدام طائرات من دون طيار عن اعدامات غير قانونية موقف لا يمكن الدفاع عنه». وأضاف: «نريد أن تكون الولاياتالمتحدة أكثر صراحة، وتؤكد استعدادها لمناقشة بعض جوانب البرنامج، لكننا نواجه اشكالية أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) تدير برنامجاً يقتل أعداداً كبيرة من الناس، والاكيد ان لا محاسبة لها في ما يتعلق بالقوانين الدولية ذات الصلة». وأبلغت الولاياتالمتحدة مجلس حقوق الانسان في حزيران (يونيو) الماضي أنها تعمل في شكل قانوني للرد على اعمال القتل غير القانونية. واعترضت على انتقادات الستون معلنة انه لا يملك التفويض اللازم لتغطية عمليات الجيش الاميركي والاستخبارات.