ارتجّت خشبة مسرح جمعية الثقافة والفنون في الدمام، تحت وقع أقدام جنود مسرحية «من تجليات الباب»، ووضع الجمهور يده متحاشياً «ضربات السيوف والرماح، بين قائد عسكري وأعدائه»، فيما كادت تنسكب دموع يتيمة، من الحضور، على فقدان «ابن القائد»، وتفجع «الراهب على قلبه المفطور حزناً» و«عجزاً عن اتباعه». ولم تتوقف الموسيقى الحية، في العرض المسرحي، المقتبس من أحد أعمال غسان كنفاني، والمشارك في «مسابقة الدمام للعروض القصيرة في دورتها السادسة»، لحظة، إلا حين يأمر قائد العازفين محمد الصفار بالتوقف، ويصاحب التوقف سكون حالك بلون الظلام على المسرح. وأنشدت أعصاب الحضور إلى حركات «لابس البياض»، المتجول بحذاء زرعت في أسفله عجلات، فيما ارتخت أعصاب الجمهور مع «صراخ هيثم الحبيب، الباكي فقد ابنته، بسبب العطش، لاعناً من كان السبب في عدم نزول المطر»، نازلاً عند رغبة الطفلة بعدم دفنها ف«الأوطان لا تدفن». ربما خرج محمد الحلال من «غبار التاريخ»، بملابسه العسكرية «الرومانية»، ووجهه المتجهم وأصابعه المتشنجة على سيفه، الذي خاض به معركة البقاء، سيوفاً ورماحاً وقتالاً بالأيدي، بعد أن اختار «الروماني – الحلال» بناء «جنته» على الأرض، رافضاً جنة موعودة يكون ثمنها «الإذعان لقوة لا يقبلها». لكن «الكاهن – رجل الدين» كسر تلك الحدة بسوط يقطر جلداً، دافعاً القائد إلى جحيم «يضم كل من لا يذعن ولا ينصاع ولا يتقيد بتعاليم الكاهن وإلهه»، الكاهن الذي يروج للخضوع، مسكون بمس في قلبه، يأسره صوت صبية تغنت ب«نسيتك حين شربت الأغاني... وغنيت كأساً.. ودار الفلك». كما هي حكمة الهند، الخير ينتصر في النهاية، وحكمة العرب «يرث الأرض الصالحون»، انتهت مسرحية «من تجليات الباب»، بانتصار «الأيدي المجتمعة، والبدء من المكان الذي انتهى منه الآخرون»، وفلسطين الحاضرة الغائبة في المسرحية، تنتظر ذات الخاتمة، لكنها تبحث عن «ذات القوة المجتمعة». وحضر بقوة عازف العود عماد العبد الباقي، وغناؤه لقصيدة تداخلت كلماته وأحد مشاهد المسرحية. وترك أبطال الألعاب القتالية وراءهم «رهبة»، تحذر من التعرض لهم، وللديكور قصة أخرى، حيث تقلب في الظلام مع كل مشهد، فيما جاءت حركة «الثلاثي» المترابط في ثوب بلون أحمر وأسود، غريبة وساحرة في الوقت ذاته. وأبدى المخرج عبدالخالق الغانم، في الندوة التطبيقية، إعجابه بالعمل المسرحي، الذي استغرق 50 دقيقة، وأوضح أن «العمل تميز بلمسات فنية جميلة ومتألقة، ورؤية إخراجية»، منبهراً بعمل «الفرقة المسرحية». وبين أن «المسرحية تناولت الماضي والحاضر، وربطت بينهما، وتظهر الأفكار في النص الرؤية الماضية والمستقبلية».ورأى الفنان المسرحي عبدالله الجفال، كاتب النص، أن «الرؤية التي حملها النص، مشغولة بالهاجس الماضوي والمستقبلي»، مشيراً إلى أن «التجليات في النص تحمل هاجساً إنسانياً، متمثلاً في قيام الإنسان بخلق وصنع قوة، يجد نفسه أسيراً لها بعد ذلك، ويظهر انعتاقه منها بعد كشفه ما وراء الباب، بشرط اتحاد القوة بين الناس، والبعد عن العمل الفردي».