آذن فوز الحزب الديموقراطي الياباني في الانتخابات النيابية الأخيرة ببداية مرحلة جديدة في السياستين الداخلية والخارجية. وتتولى الولاياتالمتحدة حماية اليابان التي لم تبرم، الى اليوم، معاهدة سلام مع روسيا. وتعاظم الاهتمام الاميركي بمنطقة آسيا – المحيط الهادئ، إثر بروز الصين قوة اقتصادية ناشئة كبيرة، وتغير ميزان القوى العالمي، وبروز مشكلة كوريا الشمالية، الدولة النووية التي تتهدد أمن دول الجوار، وتتحدى هيمنة الولاياتالمتحدة على العالم. وتجد طوكيو نفسها محاصرة بكوريا الشمالية والصين. فالصواريخ النووية الكورية الشمالية مصوبة إليها. وهذا مدعاة قلق. وتهيمن الصين على شرق آسيا اقتصادياًً، وقد تهيمن عليه عسكرياً في المستقبل. وترفض طوكيو ان تكون اليابان خندق الدفاع الاميركي المتقدم في المنطقة، أو أن تكون طرفاً في نزاع مفتوح مع بكين القوية. وتسعى اليابان في نقل القاعدة الحربية الاميركية من جزيرة اوكيناوا الى مكان آخر، وإعفائها من تزويد السفن العسكرية الاميركية، وهذه تتولى عمليات مكافحة الارهاب في جنوب آسيا، بالوقود في المحيط الهندي. ويسهم نهج طوكيو الجديد في السياسة الخارجية في زيادة اعباء إدارة الرئيس الاميركي، باراك اوباما، وهي تحاول تذليل أزمات كبيرة في العالم. ولكن الادارة الاميركية تعثرت بتقاعس حلفائها التقليديين عن مؤازرتها فعلياً. فدول حلف شمال الأطلسي الاوروبية مستعدة للتصفيق لأوباما، ولكنها لا ترغب في دعم واشنطن. ويشوب علاقة الولاياتالمتحدة بشركائها في الشرق الاوسط، ومنهم وتركيا والمملكة العربية السعودية، مشكلات كثيرة. والعلاقات الاميركية مع اسرائيل تمر بأسوأ مراحلها. وتعلي طوكيو شأن تحالفها مع الولاياتالمتحدة. ولكن بريق قيادة الولاياتالمتحدة يخبو جراء تغير وجه العالم، وبروز مراكز نفوذ اخرى. ويندرج كلام رئيس الوزراء الياباني الجديد عن « الاخوة في شرق آسيا بين اليابان والصين وكوريا» في سياق تغير النظام العالمي. والحوادث الأخيرة تخط معالم هيكلة العلاقات في منطقة آسيا المحيط الهادئ هيكلةً جديدة تتناسب مع بروز الصين ودورها الجديد. وفي وقت تتستر بكين على مخططاتها الطويلة الأجل، تضطر الدول الأخرى، ومنها روسيا، الى المناورة على أمل أن تكون توقعاتها وتقديراتها مصيبة، وأن تضطلع بدور مناسب في نظام ميزان القوى الجديد. ويكاد دور روسيا في اللعبة هذه أن يكون طيفياً، على رغم إعلان موسكو رغبتها في تعزيز هذا الدور في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ويبدو ان موسكو راضية بالقواعد التي ترتئيها بكين. * محلل سياسي، عن «غازيتا رو» الروسية، 22/10/2009، إعداد علي ماجد