عادت الجهود من اجل تأليف الحكومة الجديدة الى دوامة اقتراحات جديدة، بعضها قديم طُرح خلال اليومين الماضيين، وغيرها جديد «يفرّخ كالفطر» تحت عنوان تقديم البدائل لزعيم «التيار الوطني الحر» رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون، من عدم إسناد حقيبة الاتصالات الى احد وزرائه، فكثرت الاقتراحات وتوسعت دائرة الحقائب والمطالب مجدداً في تصريحات نواب ومصادر «التيار الوطني»، فيما انصبت جهود عدد من قادة المعارضة على السعي الى إقناع رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بالتخلي عن حقيبة الأشغال العامة والنقل لمصلحة عون، بديلاً من إسناد حقيبة الاتصالات إليه، تمهيداً لتولي كتلة جنبلاط هذه الحقيبة التي كان رفضها مصراً على إيكال الأشغال ثانية الى الوزير الحالي غازي العريضي. وفيما قالت مصادر في المعارضة ل «الحياة» ان عون اقترح على رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري خلال لقائهما السبت الماضي ان يتولى وزير من مرشحيه الخمسة حقيبة الأشغال، وأبلغه بأنه سيسعى هو، أي عون، الى إقناع جنبلاط بالتخلي عنها له، فإن مصادر أخرى في المعارضة قالت ان بعض معاوني عون اوحى بأن الحريري هو الذي طرح الاقتراح كبديل من عدم حصول عون على حقيبة الاتصالات، لكن مصادر قريبة من جنبلاط قالت ل «الحياة» ان الحريري نفسه بعد سماعه الاقتراح من عون اتصل بجنبلاط ليل السبت الماضي وأبلغه بأنه طرح عليه الفكرة وسأله إذا كان يقبل بها، لكن جنبلاط بقي على إصراره على الأشغال. وعلم ان معلومات وردت الى جنبلاط بأن عون بالاتفاق مع «حزب الله» قرر المطالبة بالأشغال، وعلى ان يتعاون قادة المعارضة على الاتصال برئيس «التقدمي» لإقناعه بالفكرة، فتولى أحد قياديي «حزب الله» الاتصال بجنبلاط ودعاه الى تسهيل مخرج حصول عون على الأشغال لكن جنبلاط لم يبد حماسة للفكرة. وأوضحت مصادر قريبة من جنبلاط انه في الوقت الذي تبيّن ان الاقتراح جاء من العماد عون وليس من الحريري، فإن قادة المعارضة كانوا اتفقوا على تكثيف الاتصالات مع جنبلاط، والعمل على خط علاقة الصداقة بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع جنبلاط لإقناع الأخير بالتخلي عن الأشغال لعون. وإذ اجتمع مسؤول الاتصالات السياسية في «التيار الوطني» الوزير جبران باسيل مع بري ظهر امس، فإن مصادر المجتمعين نفت ان يكون باسيل طلب تدخل بري لدى جنبلاط للتخلي عن الأشغال، وقالت ان باسيل «نقل انفتاح عون على الأفكار البديلة التي تطرح وحرصه على التنسيق مع بري». وأوفد بري مساء امس النائب خليل للقاء جنبلاط. وقالت مصادر نيابية ان الهدف كان «عرض ما آلت إليه الاتصالات وتبادل المعطيات وتأكيد استمرار التواصل بين جنبلاط وبري واستكشاف ما يمكن القيام به من جهود لتسهيل تأليف الحكومة لأنه لم يعد جائزاً بقاء البلد في هذا الفراغ الذي يشل البرلمان في الوقت نفسه». وذكرت المصادر النيابية ان بري قرر بعد مدة من الصيام «إطلاق محركاته» تمهيداً للقيام بجهود تساعد على إنجاز الحكومة. وبرزت في تصريحات نواب ومقربين من عون اقتراحات متعددة حول بدائل حقيبة الاتصالات. وبعد ان أعلن أمين سر تكتل عون النيابي ابراهيم كنعان ان بديل تخليه عن حقيبة الاتصالات هو الحصول على وزارة العدل وعن حقيبة الطاقة هو الحصول على الأشغال، ذكر الوزير ماريو عون ان العدل والأشغال غير كافيتين بل ان المطلوب إما حقيبة المالية أو الداخلية بدلاً من الاتصالات، فيما أبلغت مصادر قيادية في المعارضة ان إسناد حقيبة العدل كفيل بحل المشكلة. كما ان أوساطاً في الأكثرية تحدثت عن العودة الى إسناد الاتصالات لعون للانتهاء من دوامة الطروحات التي تتوالد الواحدة تلو الآخرى. لكن أوساطاً متابعة لعملية التأليف قالت ل «الحياة» ان تعدد اقتراحات البدائل في المعارضة يدل الى ان «هناك نية لإغراق الرئيس المكلف بكمية من المطالب لا هدف لها سوى تأخير تأليف الحكومة عبر تعديل المطالب والبدائل، وهذا يعزز الريبة بأن ما يطرحه عون يشكل غطاء لقرار بتأجيل إنجاز الحكومة، يدعمه «حزب الله» لأسباب إقليمية، لمعاكسة قرار القمة السعودية – السورية بتسريع تأليفها. وإذ صح ذلك فإنه يضع الفرقاء امام وضع حرج.