رام الله - رويترز - يعود المخرج الفلسطيني الشاب امير الزعبي بجمهور مسرحيته الجديدة "إذ قال يوسف"، الى احداث النكبة عام 1948 من خلال قصص انسانية تتجلى في قصة حب بين شاب وفتاة. وقال الزعبي الذي اسس مع مجموعة من الممثلين فرقة مسرح "شبر حر" عام 2008 في مدينة حيفا لرويترز بعد عرض مسرحيته الليلة الماضية على خشبة مسرح وسينماتك القصبة في رام الله "الفكرة الاساسية اننا نحن عرب 48، نعيش اثار النكبة بشكل يومي. اردت ان اقدم عملا جديدا عن النكبة بعيدا عن الارقام والاحصائيات." واضاف "نتحدث في هذا العمل عن الناس الذين عاشوا النكبة.. عن حياتهم.. قصص حبهم واحلامهم البسيطة. نريد تقديم روايتنا للنكبة من خلال هذه القصص الانسانية." ويقدم الزعبي على مدار مئة دقيقة قصة شقيقين، هما علي صاحب قصة الحب مع ندى الذي يرفض والدها تزويجها له، ويوسف الشاب الذي يبدو ساذجا في حوار طويل ياخذ الجمهور الى ذاكرة تمتد اكثر من ستين عاما منذ بدايات فترة الانتداب البريطاني واعلان قيام دولة اسرائيل. تدور احداث المسرحية على ارضية من الماء الذي يرسل اشارات متعددة ودلالات كثيرة ومتناقضة. قد يرى البعض في الماء الامل وقد يراها البعض الاخر الضياع والغرق. ويستحضر المخرج الذي اضطر ان يشارك في التمثيل بعد غياب احد الممثلين بسبب وعكة صحية مشاهد من رحيل الفلسطينيين عن منازلهم وهم يحملون بعض امتعتهم حالمين بالعودة خلال اسبوع. ويستمع الجمهور من الممثلين لروايات حدثت خلال ترك الناس لبيوتهم عندما كانت تسقط المدن العربية حيفا وعكا واللد والرملة التي اصبحت اليوم جزءا من اسرائيل. ويمزج المخرج في المسرحية بين قصة النبي يوسف عليه السلام عندما القاه اخوته في البئر وقصة النكبة وقال "القصص الدينية جزءا من ثقافتنا وانا هنا لم اتطرق الى الموضوع الديني في القصة بل اردت ان استخدم ما تحمله من ايحاءات تفيد العمل المسرحي." ويكتشف الجمهور قبل نهاية العرض المسرحي ان معاناة يوسف كانت بسبب غير مقصود بحسب اعتراف شقيقه علي - وهو يصارع الموت بعد اصابته بالرصاص - عندما دفعه ليسقط في البئر بينما كانا يلعبان حوله مما ادى الى اصابته في الرأس واصبح على ما هو عليه. ويشارك في العمل المسرحي نخبة من الممثلين الفلسطينيين يوسف ابو وردة وسلوى نقارة وعلي سليمان وعامر حليحل وسماء والكيم وتريز سليمان والممثل البريطاني بول فوكس الذي يؤدي دور جندي بريطاني خلال فترة الانتداب. ويمزج الزعبي في هذه المسرحية الماضي مع الحاضر في رواية يقدمها في بعض الوقت ذات الاشخاص كيف كانوا قبل عام 1948 وكيف هم بعد ستين عاما وما زالوا مسكونين بتلك الحكاية التي عاشوها. ويتساءل الزعبي في نشرة حول المسرحية "كم باستطاعتنا ان نسمع عن 1948 بعد (النكبة)" ويجيب "ربما لن نقوى على السماع كثيرا اذا بقيت الاحاديث المبهمة عن الاسطورة والرموز والفولكلور والاحصاءات والارقام والتواريخ ولكن ما نميل عادة الى نسيانه ان 1948 في اصلها وجوهرها هي قصة بشر.. كل انواع البشر الذين مروا بصدمة اليمة." ويضيف "بشر امثال ابي الذي استيقظ صباح يوم ليجد ما كان في الامس ازرق تحول بفعلة فاعل الى اصفر وان طعم الغروب في مخيم لاجئين على شواطيء غزة يختلف عن طعمه في البيت في عكا... نحن الذين ما زلنا نمشي حول انقاض الحلم المحطم تقع علينا مسؤولية عدم تحويل 1948 الى حلم او خرافة." ويتابع "هذه المسرحية عن هؤلاء الناس... اناس مركبون وجميلون عاشوا حياة كانت ملكهم واليوم يعيشون حياة ماذا لو." وتروي ندى (سلوى نقارة) بعد ستين عاما فيما كان يوسف شقيق من احبت والذي لقي حتفه بالرصاص خلال محاولته البحث عن ندى خلال معارك عام 48 وتقول "لن نحسب للوقت حساب. انا ارملة رجل لم اتزوجه." ويرى حليحل ان الدور الذي جسده من اصعب الادوار وقال "اردنا ان نقدم الرواية الانسانية للنكبة والتي توضح عمق الماساة الانسانية بعيدا عن الاحصائيات والارقام وان كانت مهمة." وكتب ديفيد لان المدير الفني لمسرح (يونغ فيك) البريطاني الذي شارك في انتاج هذه المسرحية المترجمة الى اللغة الانكليزية عبر كتابة على شاشة في اعلى المسرح "ما يقدمه لنا (امير الزعبي) هو طريقة للفهم. نعم كيف تبدو الحياة اليوم في الجليل... وكيف يبدو الماضي وخاصة النكبة في عام 1948 التي ما زالت تستنجدنا." ويضيف مدير المسرح الذي تاسس عام 1970 "ما اردت لطاقمي ان يتعلمه بشكل خاص هو معنى صنع المسرح في مكان كهذا وتحت هذه الظروف." وابدى الجمهور اعجابا كبيرا بالمسرحية ووقف مصفقا طويلا للممثلين وقال ادوارد معلم المخرج الفلسطيني لرويترز بعد مشاهدته العرض "هذا العرض يلخص بشكل انساني قصة النكبة التي ما زالت اثارها الى اليوم." واضاف "بهذه الطريقة يمكننا ايصال رسالتنا للعالم ورواية قصتنا." ويستعد الزعبي لجولة من العرض في بريطانيا بعد تقديم مسرحيته التي يري فيها " البداية لمشروع مسرحي طويل الامد" .. احد عشر عرضا في اسرائيل والضفة الغربية.