ظهر اللاعب سامي الجابر وهو رمز رياضي معروف بين الشباب ليشيع الاطمئنان بين الناس، كناجٍ من مرض أنفلونزا الخنازير، وشرح تجربته مع المرض، واحتياطاته المعتدلة ومن دون مبالغات، وعدم الحاجة للأقنعة إلا في أماكن الزحام، فهل سمع الناس ما قاله سامي جابر؟ وهل مثلت شهادة سامي جابر الصحية مرجعاً لما يمكن الاحتكام إليه، لأن من رأى ليس كمن سمع! شاع بين الناس رعب ما يمكن أن يؤدي إليه الوباء، فلم يرسلوا أبناءهم للمدرسة، لكنهم ظلوا يذهبون لكل التجمعات البشرية من حدائق وأسواق ومطاعم وسفر بالطائرات وسياحة في المدن، وقاعات سينما ومؤتمرات وغيرها. أكثر ما أصابنا من هذا الوباء هو سيطرة ذهنية الجهل والنمائم، واستخدم فيها كل متلازمات الحرب النفسية، نشرتها وسائل الاتصال الحديثة من هواتف جوالة وإنترنت، وثرثرة مجالس. تذمر الناس مما اعتبروه نظرية للمؤامرة، واتهموا التجار بأنهم يمارسون عليهم حرباً نفسية ليبيعوهم منتجات لم تتعدّ محلولاً للنظافة ومناديل معقمة، واتهموا الصحة الدولية بالتآمر مع التجار لأنها أوصتهم بأبسط أنواع النظافة التي يجب أن تتبع سواء في حالة الوباء أو من دونه، كغسل اليدين وعدم لمس العين والأنف والفم إن لم تكن يداك نظيفتين. لم يتردد كثير من الناس عن فعل ما ظنوه خيراً حين تسابقوا في نشر الرسائل الإلكترونية، بينما تسابقت الصين مع الغرب لتخترع اللقاح، وتثبت درجة تفوقها وتحديها لعالم القوة الغربي. بينما نحن سابقنا العالم في سرعة صف الكلمات والتحذيرات وتوسيع شبكة رسائل التحذيرات. انتشرت تصريحات باسم أطباء سعوديين لم يدخلوا تجربة دراسة المرض وبحث لقاحاته في المختبرات، ولم يجربوا صناعة الدواء ليقولوا كلمتهم القاضية «احذروا اللقاح». ما فعله العرب هي رحلة بدأت من «يا ويلكم جاكم المرض»، وانتهت ب«يا ويلكم جاكم اللقاح»، يعني في البداية «موتوا» وفي النهاية «خوفوا». جعلوا الناس بلا رحمة يتقلبون بين نيران «جاك الذيب جاك وليده»! لكنني اليوم أبشركم وأطمئن العرب جميعاً بأن عليهم أن يحلوا حزام الأمان فالرحلة انتهت، عندما أعلنت بريطانيا والصين بدء إعطاء اللقاح لمواطنيهما ورعاياهما، بينما لعب العرب دور الفرجة بكل شطارة، صفقوا حتى احمرت يداهم، وصفروا حتى بحت حلوقهم. وشجعوا الفرق الخاسرة للأسف. نسوا أن نظرية المؤامرة هذه لم تحك ضدهم، واللقاح لم يخترع لهم، وتجار الدواء لم يجبروهم على شراء الدواء وتعاطيه عنوة، لكن نظرية الإشاعات الجاهلة، وغياب الشفافية وفقدان الثقة في مؤسسات الدولة هي التي جعلت كل هذه الفوضى تحكم العاقل والجاهل على حد سواء، وعلينا انتظار حلقة جديدة من مؤامرات العالم ضدنا نحن العرب المساكين! [email protected]