أكد مصرف «مورغان ستانلي» في تحليل للأوضاع الاقتصادية في السعودية ان المملكة نجحت في مواجهة أزمة الركود العالمي على رغم توقع انكماش ناتجها المحلي الإجمالي 1.6 في المئة وانخفاض احتياطها من العملات الصعبة للمرة الأولى في سبع سنوات جراء تراجع إيرادات قطاع النفط بما قد تصل نسبته إلى 11.4 في المئة في السنة الحالية، لافتاً إلى ان آفاق الاقتصاد السعودي ايجابية في المستقبل المنظور. وعزا أسباب هذا النجاح إلى الإنفاق الحكومي مشيراً إلى ان الحكومة لم تعتمد فقط واحداً من أكبر برامج الإنعاش الاقتصادي في دول مجموعة العشرين وترصد لتمويله بين عامي 2008 و2010 نحو تسعة في المئة من الناتج المحلي بل أكدت مراراً التزامها برنامجها الاستثماري الضخم الذي يضخ 400 بليون دولار في مشاريع البنى التحتية والنفطية في خمس سنوات. وأوضح الخبير محمد جابر ان برنامج الإنفاق الحكومي قلل من حدة تداعيات أزمة الاقتصاد والمال العالمية على السوق السعودية خصوصاً تباطؤ نمو الإنفاق الاستهلاكي، بسبب تراجع ثقة المستهلك، وانكماش الإقراض المصرفي ومقاربة استثمارات القطاع الخاص بحذر أكبر، مساهمة في دعم القطاع غير النفطي الذي يتوقع ان ينمو بنسبة 2.8 في المئة في السنة الحالية. وتوقع جابر ان يحفز الانتعاش العالمي الطلب على النفط ويفضي إلى زيادة الإنتاج السعودي بنسبة 10 في المئة في سنتين ليصل إلى تسعة ملايين برميل يومياً. كما توقع كذلك تسارع وتيرة نمو القطاع غير النفطي مستفيداً من انتعاش الإنفاق الاستهلاكي وتحسن أوضاع الائتمان إضافة إلى الزخم الاستثماري المستمر بنوعيه الخاص والعام. ولاحظ بأن هذه العوامل مجتمعة ستمكن الناتج المحلي السعودي من النمو بنسبة 3.6 في المئة عام 2010 و4.7 في المئة عام 2011 حين يُتوقع ان تحقق الموازنة وميزان المدفوعات الخارجية فائضين بنسبة 11.5 و9.8 في المئة من الناتج المحلي على التوالي. وتُعتبر مستويات الفائض المتوقع منخفضة مقارنة بالسنوات الأربع الماضية لكنه عزاها إلى احتمال تسارع الإنفاق الحكومي وزيادة الواردات. لكنه لفت إلى ان التراجع الحاد المتوقع في إيرادات قطاع النفط في السنة الحالية لن يؤدي إلى تحقيق فائض ضعيف (وإيجابي على الأرجح) في الموازنة وميزان المدفوعات الخارجية فحسب بل يتوقع ان ينخفض احتياط العملات الصعبة السعودي بنسبة ثمانية في المئة مقارنة بعام 2008 مستبعداً مع ذلك انخفاض هذا الاحتياط إلى ما دون مستوى 400 بليون دولار. وأظهرت حركة التبادلات التجارية بين السعودية والولايات المتحدة ان أسعار النفط وانخفاض الورادات الأميركية أحدثا صدمة هائلة في الميزان التجاري للبلدان إذ انخفض الفائض السعودي من 33 بليون دولار إلى أقل من سبعة بلايين في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2009 وترتب على ذلك تراجع في قيمة صادرات النفط السعودية إلى السوق الأميركية في الفترة ذاتها من 40 بليون دولار إلى أقل من 14 بليوناً. ورجح التقرير انخفاض الضغوط التضخمية بحدة في السنة الحالية وعزا السبب إلى ضعف البيئة الاقتصادية العالمية الحالية والتراجع الكبير في أسعار الغذاء، متوافقاً مع توقعات صندوق النقد الدولي الذي قدّر في تقريره الأخير عن آفاق الاقتصاد العالمي انخفاض معدل التضخم في السعودية إلى 4.5 في المئة عام 2009 ومن ثم إلى أربعة في المئة عام 2010 من نحو 10 في المئة عام 2008.