من منطلق أن الاعتراف بالحق فضيلة، أثَمِنُ فضيلة الاعتراف الصريح للشركة السعودية للكهرباء حين نطقت على لسان رئيسها التنفيذي المهندس علي البراك بفشل الاتفاقات التي أبرمتها الشركة مع جهات مختلفة والهادفة نحو تحقيق الأهداف المرجوة لمعالجة ومواجهة أزمات انقطاع التيار الكهربائي، ولأن الفشل بالمجمل أول خطوة من خطوات النجاح سنحسبه هذه المرة بطيبة قلوبنا فشلاً أولاً، ومع صبر أيوب فشلاً أخيراً نحو حُلمٍ لا نرغب أن يطول وهو أن نعيش عاماً كاملاً بلا «أزمة انقطاع»، شكل ومضمون الاعتراف على جرأته وبساطته إلا انه حَاد الذكاء، بَالِغُ الوَصْف، حدة الذكاء لاختياره أجمل وأهدأ توقيت بعد أن خَفًت حدة الغضب الاجتماعية على الشركة إثر مغادرة فصل الصيف المُتْعِبْ، وبلاغة الوصف لخروجه باحترافية لتقسيم ثوب الفشل على أكثر من لابس حقيقي تحت مفهوم الشراكة والاتفاق. الصيف غادر ومعه غادرت التأوهات والأوجاع، وميزة مجتمعنا أنه سرعان ما ينسى ويرضى، واسألوا الأنوف حين تستقبل قبلات حارة كعربون إرضاء لحالات سخط مسبقة، صحيح أننا سريعو العتب وليس «الغضب» ولكنه عَتَب محب خوفاً من إحضار جبري لشيء من محتوى الجيوب نهاية الشهر حتى نكون والشركة على وفاق، أو تحاشياً لموجة غضبها العارمة حين يتأخر أحد عن التسديد حتى وإن كانت الفاتورة وسط أزمة الانقطاع. أعود لفشل الاتفاقات والمعلن عنه حديثاً، ودون الخوض في التبريرات السابقة التي تبعث الاطمئنان للمستقبل المقبل إذا ما تم الاطلاع سريعاً على المبالغ الضخمة المنفقة على مشاريع توليد الكهرباء، لأن تقييمها لم يأتِ حينه طالما هي في خانة التنفيذ، ولا يمكن التنبؤ بشيء حيالها إلا الاتجاه «مبكراً» ويداً بيد مع مبدأ الشركة وحلها المستمر «الترشيد». عتب المحب للشركة أن هناك ما يشبه الخلل في خطوات التخطيط للمستقبل بعيداً عن مشاريع التوليد وإلا لما كانت قريباً مجتهدة في اتفاقات جديدة مع الكثير من الجهات ذات العلاقة لبحث معضلة ضعف الطاقة الكهربائية، ولهذا الاجتهاد نأتي بالمثل الشعبي الدارج بكل ما فيه من طيبة وحنان «ما ابطى من جاء». سعادتنا بالعذر الوحيد الذي لم نكن نتوقعه، وهو مقبول مهضوم وسنتجه به لدوائر القبول والهضم ليس خوفاً من الفواتير، بل ثقة في أن العذر لن يصلح أن يكون لعام مقبل حتى وإن كنا ننسى، قد ننسى الآلام والأوجاع والحرارة ومرافقيها إنما يصعب أن ننسى الوعود فهي قشة النجاة التي نتعلق بها حين ننتظر أملاً طويلاً، قد لا يكون هناك وعود تتفق بالضبط مع المسمى، إنما مغادرة المبررات التي نقف أمامها حيارى صابرين بلا قدرة على النقاش وبحث التفاصيل والأكبر من مستوى فهمنا مؤشرات لوعود تحمل نجاحاً مختلفاً، مع اعتراف حقيقي في أن ثقافة الترشيد لا تزال تتثاءب، ولكن الاستيقاظ يكمن في معرفة أن الترشيد جزء من الحل وليس الحل النهائي، الفشل أن نعتمد عليه بالكلية في علاج أزمة تستيقظ بين حين وآخر. [email protected]