فشل البرلمان العراقي أمس في التوصل الى اتفاق حول قانون الانتخابات بسبب استمرار الخلاف حول قضية كركوك المتنازع عليها، واحال المسودة الى المجلس السياسي للأمن الوطني لإيجاد تسوية بخصوصه. وقال رئيس البرلمان اياد السامرائي في مؤتمر صحافي، بعد فشل الجلسة الثالثة للبرلمان أمس في اقرار قانون الانتخابات: «لم تتوصل الكتل السياسية الى اتفاق حول قضية كركوك، وصارت القضية عقدة. المتفاوضون فشلوا في التوصل الى اتفاق». وتعد مشكلة كركوك العقبة الاكبر امام تمرير قانون الانتخابات التشريعية المقرر اجراؤها في 16 كانون الثاني (يناير) 2010. ويطالب العرب والتركمان بتحديث سجلات الناخبين في هذه المدينة التي يطالب الاكراد بضمها الى اقليم كردستان، بدعوى ان هناك زيادة كبيرة في اعداد الاكراد. واكد السامرائي ان «وسطاء تدخلوا فيه (قانون الانتخابات) لكن تراجعاً حصل وسار الامر نحو التعقيد وبدأت المواقف تتباعد». وأضاف «كنا قد توصلنا الى نتائج ايجابية في كثير من المسائل الخلافية وكان امامنا الشيء البسيط بحاجة الى الحسم الا انه استوجب قراراً سياسيا». واوضح «النواب الذين تفاوضوا بموجب تخويلات انتهت الى هذا الحد». ولم يوضح السامرائي طبيعة التراجع الذي حدث، ولا هوية الأطراف التي تراجعت عن اقرار قانون الانتخابات لكنه قال «حاولنا تجاوز هذا الموضوع عندما شعرنا ان النواب ليسوا احراراً في اتخاذ القرار بسبب ضغوط قواهم السياسية، فأحيلت النقاط الخلافية الى المجلس السياسي للأمن الوطني الذي بدوره سيقدم حلاً سياسياً بتوافق الكتل البرلمانية لضمان التصويت لصالحه وتمريره، ثم ينقل الى البرلمان ليصاغ بنص تشريعي». وتابع «تشاورنا اليوم (أمس) مع هيئة الرئاسة (البرلمان) ورأينا ان الموضوع صار اكبر من البرلمان ولا مجال للتفاوض، وسيتم دعوة المجلس السياسي للأمن الوطني للوصول الى اتفاق». وقال «سأدعو المجلس السياسي للانعقاد الأحد، واذا ما تم التوصل الى اتفاق سنعقد جلسة للبرلمان الاثنين المقبل». وتابع «نحن بحاجة الى ان نحمل القيادات السياسية العليا في البلاد مسؤولية الحسم كونها سبق وأن حسمت قضايا كبيرة أخرى مثل الدستور». ويتألف المجلس السياسي للأمن الوطني من رئيس الجمهورية ونائبيه ورئيس الوزراء ورئاسة مجلس النواب ورؤساء الكتل النيابية الكبرى في البرلمان، وتتخذ قراراته بالتوافق، وتعتبر بمثابة توصيات وهي غير ملزمة قانونياً. وحمل السامرائي اعضاء البرلمان مسؤولية عدم التوصل الى اتفاق قائلا إن «مواقفهم التي يعلنوها في الإعلام انعكست على الشارع». وأضاف «الشارع بدأ يضغط، والمواقف صارت اكثر حرجاً، ومواقف بعض الكتل اصبحت حادة اكثر مما جعل الوصول الى اتفاق أصعب». ورداً على سؤال عن الخيارات المتاحة في حال اخفاق المجلس السياسي في التوصل الى صيغة توافقية قال «سأحمل القيادات العليا في البلد، في حال فشلها بالتوصل الى حل، مسؤولية ايجاد آلية بديلة يتم اللجوء اليها». واتهمت مجموعة النواب العرب والتركمان عن كركوك لجنتي ال 23 واللجنة القانونية في البرلمان بالحؤول دون تمرير قانون الانتخابات. واصدرت هذه القوى بياناً جاء فيه ان «ازمة قانون الانتخابات بدأت مع تشكيل اللجنة الخاصة بإعداده والتي تبعتها بالمهمة اللجنة القانونية (...) ولو التزمت اللجنتان بالنظام الداخلي وادرجت جميع المقترحات الخاصة بالقانون ومنها اقتراح العرب والتركمان الذي وقع عليه اكثر من مئة نائب ونص على توزيع المقاعد الخاصة بكركوك على مكوناتها بالتساوي، 32 في المئة لكل من الاكراد والعرب والتركمان واربعة في المئة المتبقية للاقليات الاخرى، لكان القانون انجز». ورفضت المجموعة «اي حل يجرد كركوك من وضعها الخاص المؤكد دستورياً وقانونياً وواقعيا» وحذرت من ان «اي محاولة لإجراء الانتخابات يكون ثمنها ضياع كركوك «. ووصف النائب عن «جبهة التوافق» سليم عبدالله الجبوري في مؤتمر صحافي مشكلة كركوك بأنها «قضية وطنية يتوقف عليها مصير الشعب العراقي للفترة المقبلة» معتبراً إحالة القضية الى المجلس السياسي للأمن الوطني هو الحل الأمثل». لكن القيادي في «حزب الدعوة» النائب حيدر العبادي أعرب عن اسفه لقرار هيئة رئاسة البرلمان إحالة القانون الى المجلس السياسي ونقلت عنه وكالة «فرانس برس» ان «المجلس السياسي غير دستوري ووظيفته استشارية، بل هو تشاوري». ولفت الى ان «البرلمان اثبت انه غير قادر على تشريع القوانين، ولذلك فإن هيئة الرئاسة وضعت المسمار الأخير في نعشه». من جانبه، قال النائب المستقل حاجم الحسني انه «من المعيب ان نوصل القضية الى مجلس الأمن السياسي، في حين أننا أعلى سلطة تشريعية في البلد». واضاف «يجب حلها من خلال البرلمان وليس من خلال ذلك (المجلس السياسي)». بدورها، طالبت النائبة المستقلة صفية السهيل بحل البرلمان لعدم تمكنه من اقرار قانون الانتخابات. كما اعتبر نواب تركمان إحالة الموضوع الى المجلس السياسي «خرقًا قانونياً « إذ إن «المجلس السياسي معطل عن العمل في هذا الوقت، وليس لديه اي غطاء قانوني ودستوري، وهو لا يمثل جميع مكونات الشعب العراقي». من جانبه، قال رئيس كتلة «التحالف الكردستاني في البرلمان فؤاد معصوم في مؤتمر صحافي ان «كركوك فيها مشكلة وقد حلتها المادة 140 من الدستور». وتنص المادة 140 من الدستور على «تطبيع الأوضاع وإجراء احصاء سكاني واستفتاء في كركوك واراضٍ أخرى متنازع عليها لتحديد ما يريده سكانها»، وذلك قبل 31 كانون الاول (ديسمبر) 2007. واضاف معصوم ان «هؤلاء (في اشارة الى التركمان والعرب) يريدون خلق مشاكل لأهداف اخرى، غير إجراء الانتخابات» مؤكداً أن «لا علاقة لكركوك بالانتخابات، وقد قدمنا صيغة توافقية بهذا الشأن». وتابع «انهم يدعون ان هناك تلاعبًا في سجلات الناخبين في كركوك، في حين ان هناك زيادة في محافظات اخرى تصل من 85 الى مئة في المئة». واوضح النائب الكردي خالد شواني الخلاف الذي وقع بين الكتل السياسية قائلا «في البداية طرحت الكتلة التركمانية والعرب في البرلمان اقتراحاً ينص على جعل مدينة كركوك ثلاث مناطق انتخابية متساوية، الأمر الذي رفضناه كونه مخالفًا للدستور». واضاف «قدمت جبهة التوافق اقتراحاً ينص على التدقيق في سجل الناخبين الذين سجلوا بعد 2004، وبعد ذلك مقارنته بإحصاء 1957، واذا عثر على اسم هؤلاء يحق لهم التصويت ومن ليس له اسم فلا يحق له التصويت». وتابع ان «كل الاحصائيات وعمليات التدقيق لا تشمل المناطق المقتطعة من كركوك، لذلك رفضنا ذلك».