خبر حمل الزوجة أو «حَبَلها»، كما يعرف في اليمن، أمر منتظر دائماً، وبخاصة إذا ارتبط بزوجين حديثين. ذلك أن كليهما يتعرض لضغوط أسرية لإنجاب الطفل الأول قبل انقضاء عام على زواجهما. بالطبع لا يمكن التعميم، ولكن، كلما طال الوقت قبل سماع نبأ الحمل، اتسعت دائرة الشكوك حول الزوجة، لجهة عجزها عن الإنجاب، أو انقطاعه إذا كانت أنجبت سابقاً. لذا، تسارع النسوة الى الإعلان عن نبأ حملهن، مهما كان ترتيبه (أكان الأول أم الخامس...)، ما إن يتأكدن منه. أما بالنسبة الى الأزواج فيكون هذا النبأ مدعاة للاعتزاز والتباهي برجولتهم. ويزداد الرجل فخراً إذا ثبت أن الجنين في رحم زوجته «ذكر»، لا أنثى. ويقابل نبأ حمل الزوجة في المجتمع اليمني بالترحاب والفرح، ولا يرتبط ذلك، على الإطلاق، بالحال المادية للزوجين، فلدى الناس قناعة بأن «كلاً يأتي برزقه». وتقول نورية الخامري، منسقة المشاريع في منظمة سول للتنمية ومقرها صنعاء، وهي متخصصة بالمرأة والطفل، إن نبأ الحمل لا تُذهب فرحته الحال الاقتصادية التي يعيشها الوالدان (إذا كانا فقيرين)، فذلك آخر ما يأتي في الحسبان، لأن اليمنيين لديهم قناعة بأن كل طفل يأتي برزقه. وفكرة أن يلجأ الزوجان إلى الإجهاض بسبب الظروف المادية، أو تعثر في وظيفة الزوج، وغيرها من الأسباب...مستبعدة تماماً. وتضيف الخامري: «الملاحظ بعد الإعلان عن نبأ الحمل أن المرأة تتجه إلى توثيق علاقتها بحميها أو أهل زوجها، وبخاصة إذا كانوا يعيشون في المنزل ذاته، أو كانت مستقلة ولكنها بعيدة من أهلها. وتُقابَل هذه الخطوة باهتمام كبير من العائلة في أغلب الأحيان، وربما يرجع إلى «الشيء» المشترك بينهم، وهو الطفل المقبل، حتى ولو لم يكن البكر». وتفسر هذا التحول في تفكير النساء، بأنهن ربما يردن أن يوفرن لأنفسهن بيئة آمنة يجدن فيها من يراعيهن، أثناء فترة الحمل وما بعد الولادة، مضيفة: «النساء أيضاً في إطار العائلة الواحدة يستفدن من تجارب بعضهن في ما يخص الحمل، لذا تكثر الزيارات الاجتماعية». لكن في بعض الحالات، يُقابل نبأ حمل الزوجة بشيء من الوجوم أو بالتعبير عن عدم الرغبة في حصوله. وغالباً ما تكون الزوجة صاحبة هذا الشعور، وليس الزوج الذي يجد في هذا النبأ فرصة إضافية لإثبات رجولته والتفاخر بأنه قادر على إنجاب العيال والبنات. هذا ما تقوله الدكتورة سلوى المآخذي، اختصاصية الدراسات النفسية والاجتماعية لرياض الأطفال في جامعة صنعاء، وتشير إلى أن الزوجات قد لا يرغبن في إنجاب أطفال، وبخاصة في بداية مشوار حياتهن، على رغم تعرضهن لضغوط أسرية تطالبهن بإنجاب الطفل الأول كإثبات لاكتمال أنوثتهن. وتعدد المآخذي أسباباً لذلك، تربطها بعمل الزوجة أو صغر سنها أو رغبة كلا الزوجين في التمتع بسنوات حياتهما الأولى من دون أطفال. لذا، فحدوث الحمل لا يشترط أن يصاحَب بالفرح والسرور، ولو كان ذلك هو الشعور الغالب. وترى اختصاصية الدراسات النفسية أن الحال النفسية والغذائية للأم الحامل تؤثر تأثيراً كبيراً على الطفل، وتظهر بوضوح على شكل صراخ وبكاء مستمرين في الأسبوعين الأولين من عمره، إذا لم تكن والدته مرتاحة (أو كانت قلقة) أثناء حملها. وتبدأ الاستعدادات لاستقبال المولود في وقت قريب من موعد الولادة، ومن النادر أن يخصص الوالدان موازنة لاستقبال وليدهما، إذ يرتبط ذلك بمستواهما التعليمي ووضع عائلتهما المجتمعي بشكل أساسي.