ليس هذا المثل الحقيقي الذي يردده بعض المغاربة، ويتندر به المشاكسون التونسيون، فهم يقولون عن المرأة في بلادهم وعلاقتها بالرجل «يريدها في النهار دابة وفي الليل شابة»، ما دفع أحد كتاب الأعمدة في صحيفة «الطريق الجديد» إلى اتخاذ المثل موضوعاً لمقالة ساخرة تساءل فيها قائلاً: «كيف يمكن للمرأة أن تكون عاملة في النهار، ومن ثم تكون ناعمة في الليل؟ إن من يعرق في النهار لن يبلغ الليل إلا وهو يتداعى مثل الجدار الآيل للسقوط». لكن الوزير المظفر رأى أن «كل ما يقال مشرقياً عن المرأة في تونس من الأساطير. نحن في تونس نفخر بأن المرأة من أساسيات الحداثة لدينا، ومنذ عام 56 قمنا بإلغاء تعدد الزوجات، والزواج بالإكراه، وقمنا أيضاً بمنع الزواج قبل سن 17 عاماً، والطلاق بالثلاث، وكل هذا فيه رفع من شأن المرأة، والدستور ساوى بين الرجل والمرأة في كل المستويات ما عدا الإرث احتكاماً إلى نص الآية الصريح «للذكر مثل حظ الأنثيين». وأضاف: «لدينا أكثر من 70 في المئة من القضاة نساء، و80 في المئة من المميزين في البكالوريا من الفتيات، والمرأة التونسية تعمل في جميع الحقول، وأتمنى بصدق أن تنتهج المرأة العربية نهج المرأة التونسية، أما من يتهم المرأة التونسية بالانحلال والتفسخ فلا يعرف من الواقع شيئاً، المرأة التونسية لديها عقلية راسخة وتمسك بالثوابت والقيم بما لا يوجد عند امرأة أخرى في كثير من الدول العربية الأخرى». الجدل الذي يشير إليه المظفر حول المرأة التونسية أخذ أبعاداً، أكثرها إشاعات من خارج تونس، وأخرى روج لها المعارضون الإسلاميون فيها، وأشهر ذلك وصف القرضاوي لشارع بورقيبة الشهير وسط العاصمة التونسية، بأن «من يمشي فيه ينتقض وضوؤه». في إشارة إلى إبراز النساء مفاتنهن. إلا أن القرضاوي عاد أخيراً إلى تونس وكفر عن تصريحه الماضي بالقول: «حاضر تونس خير من ماضيها، ومستقبلها أفضل بإذن الله»، كما نقل ل «الحياة» عنه إمام جامع عقبة بن نافع في القيروان. وبين الطرف التي تتردد حول المرأة التونسية، ذكر أحدهم أن «تونس كلها مؤنثة»، في إشارة إلى اسم «تونس» نفسها، و «الزيتونة»، وشواهد أخرى أضيف إليها أخيراً ملاحظة أحدهم أن الضمير «أنت» دائماً ينطق مؤنثاً، حتى وإن كان المخاطب به رجلاً. وفي سياق فتنة التونسيات وجمالهن، فإن المعنيين بالأمر لا زالوا يتذكرون قصة ياسر عرفات، الذي قاوم إغراء كل النساء العربيات، إلا فتاة تونسية، قال الكاتب السعودي عبدالرحمن الراشد، إنها أغوته في ساعة ضعف من حفيد الجبارين. وهو بطبيعة الحال يعني أرملة الراحل الشهيرة سها عرفات. تأثير المرأة التونسية، تجاوز التفوق في الدراسة والوظيفة، والفتك بقلوب أمثال عرفات، إلى إقناع الغربيين الذين يرتبطون بهن بالدخول في الإسلام، كما يشهد بذلك إمام جامع القيروان محسن التميمي، الذي أكد أن مئات الأوروبيين يعلنون إسلامهم في تونس سنوياً، بضغط من زوجاتهم التونسيات. وكانت المرأة القيروانية منذ القرن الأول الهجري، فرضت لنفسها خصوصية عن بقية نساء العالم الإسلامي باشتراطها في عقد النكاح «الطلاق» إذا قرر زوجها نكاح أخرى عليها! كما وثق كتاب «الصداق القيرواني» للدكتور أحمد الطويلي، وأكده ل «الحياة» محافظ القيروان العتيقة مراد الرماح. وأما آخر خطوتين اعتبرتا في تونس، أحدث ما حققته المرأة من أمانيها العريضة فهما «عقد الشراكة، ونصف العمل مقابل ثلثي المرتب». ويعني الأول أن «الرجل والمرأة يمكنهما النص في عقد الزواج على أن كل ما يملكان مشتركاً بينهما إلى الأبد»، وهو بند غير ملزم ابتداءً، لكنه لازم التطبيق إذا سجل في العقد. فلو انفصل الزوجان بعد ذلك تقسم أموالهما بالتساوي بينهما! ويعني الثاني لفتة جديدة من السلطات إلى «الأسرة» في البلاد، فرأت أن المرأة المتزوجة من حقها الحصول على ثلثي راتبها في مقابل «نصف دوام» فقط. وبذلك يمكنها الجمع بين العمل والعناية بأسرتها. حين تسمع في تونس ما للمرأة من امتيازات وحظوة، لا بد أن تتذكر بيت ذلك الشاعر عن اليهود في احد العصور الإسلامية «يهود هذا الزمان قد بلغوا// غاية آمالهم وقد ملكوا. العز فيهمُ والمال عندهمُ // ومنهم المستشار والملك. يا أهل مصر إني نصحت لكم // تهودوا قد تهود الفلك».