أكد خبراء مصرفيون، أن دول العالم بدأت تتطلع إلى قطاع التمويل الإسلامي كأداة جيدة للحصول على سيولة، في وقت يعاني العالم من أزمة مال انعكست سلباً على القطاعات الاقتصادية، وامتدت آثارها إلى دول العالم من دون استثناء. وأشاروا في ندوة نظمها مركز دبي المالي العالمي أمس وشارك فيها مسؤولون في «البنك الدولي»، أن القطاع يعتبر من القطاعات القليلة التي أبدت مقاومة ومرونة كبيرتين في مواجهة الأزمة المالية العالمية. ففي وقت هوت أسواق الأسهم في نيويورك ولندن وأعلنت مؤسسات مال عالمية إفلاسها، حافظت مؤشرات التمويل الإسلامي على اتجاهها الصعودي. وسجل قطاع التمويل الإسلامي خلال الأعوام القليلة الماضية، نمواً كبيراً على المستوى العالمي بنحو 20 في المئة، ليصل حجمه إلى نحو تريليون دولار. وعلى رغم انخفاض عوائد منتجات التمويل الإسلامي بمعدل 23 في المئة منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية، توقع الخبراء خلال الندوة، وهي بعنوان «التمويل الإسلامي: حلول للعالم بعد الأزمة المالية»، أن ينمو قطاع الخدمات الإسلامية بنسبة 15 في المئة في 2009. وشهدت عوائد المنتجات المصرفية الإسلامية في دول الخليج تراجعاً ملحوظاً، إذ هبطت من 36 في المئة عام 2007 إلى 23 في المئة عام 2008، نظراً إلى إعادة تقويم الأصول المالية والعقارية، علماً أن المنطقة تستحوذ على 20 في المئة من إجمالي قطاع الصيرفة الإسلامية في العالم. ومع انكشاف نقاط الضعف في النظام المالي العالمي نتيجةً للازمة، ازداد اهتمام العالم بالتمويل الإسلامي، ما أدى إلى ظهور فرص جديدة أمام مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية. وأشار الرئيس التنفيذي لسلطة مركز دبي المالي العالمي عبدالله العور، إلى أن حجم القطاع لا يزال يشكل أقل من واحد في المئة من رأس المال العالمي، ما يعني «أنه يتمتع بآفاق واسعة للنمو». ولكن، المستشار الأول لشؤون الخزينة في «البنك الدولي» هيني جيرونينغ قال، إن الاستفادة من القطاع في المرحلة المقبلة يتطلب التركيز على «حوكمة الشركات وعلى التعاون والشراكة بين اللاعبين الرئيسين، سواء كانوا من داخل قطاع الخدمات المالية الإسلامية أو من خارجه»، على اعتبار أن أي فشل في الموضوع من شأنه أن يضعف عملية إدارة الأخطار ويهدد سمعة القطاع. وأكد الخبراء أن المصرفية الإسلامية لم تصل إلى ذروة نجاحها بعد، لكنها في مرحلة انتقالية، تحتاج إلى دعم من المصارف المركزية ومؤسسات النقد في المنطقة، باعتبارها الجهات التي تشرع لصناعتها. يشار إلى أن دول الخليج لا تملك حتى الآن تشريعات تنظم الصناعة المصرفية الإسلامية، في ظل حاجة ماسة إلى تطوير المنتجات، وإلى كوادر بشرية مؤهلة وعلماء. ولفت الخبراء إلى أن القطاع يتطلب أيضاً تأمين التكامل والتعاون بين قطاع التكافل والمؤسسات المالية الإسلامية، بهدف تعزيز قدراتها. وأكد المدير العام لشركة «ابو ظبي الوطنية للتكافل» أسامة القيسي، أن قطاع التكافل «يواجه تحديات كبيرة قد تعيق نموه وتطوره مستقبلاً، وفي حال لم يتم التعامل مع هذه التحديات بالشكل الصحيح وإيجاد الحلول المناسبة، فإننا سنشهد تباطؤاً في نمو قطاع الخدمات المالية الإسلامية بأكمله». واشتملت قائمة الموضوعات التي ناقشتها الندوة على عناوين عديدة، منها «تعزيز انتشار التمويل الإسلامي في مجلس التعاون لدول الخليج العربية» و «الجوانب التنظيمية للتمويل الإسلامي في مركز دبي المالي العالمي»، إضافة إلى قطاع الصكوك. ولجأت دول الخليج خلال الشهور الماضية إلى سوق السندات والصكوك الإسلامية لتمويل مشاريع البنية التحتية، أو لتسديد قروض المؤسسات الحكومية، بعد تراجع معدلات السيولة لديها جراء أزمة المال العالمية. وأشار الخبراء إلى أن سوق السندات والصكوك الإسلامية، ارتفعت في منطقة الخليج خلال النصف الأول من السنة، لتصل إلى 18 بليون دولار، بارتفاع 37 في المئة مقارنة في الفترة ذاتها من العام الماضي. وأكدت دراسات إقليمية وعالمية، أن 92 في المئة من الإصدارات في النصف الأول من السنة في المنطقة، كانت من قبل حكومات أو من شركات مملوكة في شكل كامل أو بالغالبية لحكومات المنطقة.