سيشكل الغاز الطبيعي خلال الأشهر التسعة المقبلة اختباراً حقيقياً إضافياً للاقتصاد الروسي، قد يكون الأخير، بعد الخسائر التي تلقاها جراء هبوط أسعار النفط وتراجع الروبل أمام معظم العملات الأجنبية والعقوبات الاقتصادية الغربية. وبحسب أرقام شركة "بريتش بيتروليوم"، بلغ إنتاج روسيا من الغاز الطبيعي خلال عام 2013 نحو 604 بلايين متر مكعب، صدّرت 211 بليوناً منها عبر الأنابيب، و14 بليوناً عبر الغاز المسال فقط. وسينعكس هبوط أسعار النفط على إيرادات روسيا من الغاز الطبيعي للعقود طويلة الأجل التي ينتهي معظمها في نيسان (أبريل) المقبل، والتي يرتبط غالبيتها بسعر خام برنت في الأسواق العالمية. وأشار تقرير صادر عن وكالة "بلومبيرغ" الأميركية إلى أن قطاع الغاز المسال سيحقق قفزة نوعية خلال السنوات الأربع المقبلة، وتوقع ارتفاع صادراته خلال العام الحالي بنحو 5 في المئة أي بنحو 14 مليون طن متري. ويعد الغاز المسال "منافساً شرساً" لأنابيب الغاز الروسية-الأوروبية التي يمر عبرها نحو ثلثي صادرات الغاز الروسي، وتؤمن ثلث احتياجات قارة أوروبا. وتراجعت واردات أوروبا من الغاز المسال منذ ارتفاع الطلب عليه في اليابان بعد حادث مفاعل فوكوشيما، وتحول آسيا إلى المستورد الأكبر للغاز المسال في العالم. إلا أن تراجع الطلب وأسعار الغاز بنحو 49 في المئة في دول جنوب شرق آسيا، سيساعد على رفع صادرات أوروبا خلال العام الحالي بنحو 18 في المئة لتصل إلى نحو 41.7 مليون طن. ويعني ذلك معاناة الغاز الروسي خلال الفترة المقبلة من أزمة مركبة نتيجة تطور كفاءة إدارة موارد الطاقة في أوروبا، وهبوط الطلب عليه نتيجة تراجع الأداء الاقتصادي، إضافة إلى توجه الدول الأوروبية نحو التحرر من احتكار الغاز الروسي. وتوقعت مجموعة "يورو غاز" تراجع الطلب على الغاز الطبيعي في أوروبا هذا العام بنحو 9 في المئة للعام الرابع على التوالي. ويشكل الغاز الطبيعي 14 في المئة من صادرات روسيا، معظمه عبر شركة "غازبروم" التي يتوقع أن تشهد إيراداتها تراجعاً بنحو 7.6 في المئة للمرة الأولى منذ عام 2009. وستشهد أوروبا وفرة في مخزون الغاز خلال فصل الصيف مع وصول معظم شحنات الغاز المسال إلى مرافئها. ومن المتوقع أن تضطر موسكو الى خفض أسعار الغاز للحفاظ على حصتها في السوق الأوروبية التي ستبدأ بالتراجع خلال الأشهر المقبلة.