أخذت العلاقات الأميركية - السودانية منعطفاً جديداً أمس مع إدخال إدارة الرئيس باراك أوباما عبارات «حوافز» و«تواصل واسع» على استراتيجيتها في التعامل مع حكومة الخرطوم، وبالتالي التحول نحو نهج «العصا والجزرة»، وإمكان مراجعة العقوبات في حال قيام السودان بخطوات ملموسة لحل أزمة دارفور والتعاون في مكافحة الإرهاب.وردت الرئاسية السودانية بحذر على السياسة الجديدة، ورأت أنها حملت «نقاط ايجابية»، واعتبرتها استراتيجية تفاعل مع الخرطوم وليس عزلة. لكنها انتقدت تمسك واشنطن باستخدام وصف «ابادة» لما يجري في دارفور. وقال مستشار الرئيس السوداني المسؤول عن ملف دارفور والحوار مع الإدارة الأميركية غازي صلاح الدين في مؤتمر صحافي ليل أمس إن عدم وجود تهديد في الاستراتيجية الجديدة بتدخل عسكري كان «مهماً» ويشكل روحاً جديدة عند إدارة أوباما، مبدياً ارتياحه الى أن السياسة الأميركية خلت من الحديث عن «الافكار المتطرفة التي كان يروّج لها بعضهم عن عقوبات على السودان تمتد من التدخل العسكري إلى فرض منطقة حظر طيران»، مشيراً إلى أن ذلك «تطور مهم» يعبر عن اتجاه جديد. لكنه قال: «من المؤسف أن الإدارة الأميركية تصر على استخدام تعبير الابادة الجماعية وهو لا يعبّر عن الحقائق في دارفور». ولاحظ أن الاستراتيجية خلت من أي خطوة ملموسة تلتزم بها الادارة الأميركية «التي افترضت أن الأفعال تأتي فقط من ناحية السودان، ودورها هو تقويم هذه الأفعال والرد عليها». وهدد أوباما في بيان أمس بممارسة مزيد من الضغوط على السودان، وقال إن «ضميرنا ومصالحنا في السلام والأمن توجب على الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي التصرف بسرعة وتصميم». وأضاف: «أولاً، يجب أن نسعى إلى وضع نهاية حاسمة للنزاع والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والابادة في دارفور». وزاد: «اذا تحركت حكومة السودان لتحسين الوضع على الأرض ودفع السلام، فستقدم لها حوافز، واذا لم تفعل ذلك فستتعرض لمزيد من الضغوط من الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي». وجاء بيان أوباما في وقت كانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تعلن الاستراتيجية الجديدة في السودان بناء على توصيات المبعوث الأميركي سكوت غرايشن. وقالت كلينتون إن الاستراتيجية تركز على ضرورة تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية هي وقف الإبادة في دارفور، وتنفيذ اتفاق السلام الشامل (في الجنوب)، وعدم توفير ملاذات آمنة للإرهابيين. وفي تحوّل في سياسة أميركا، استخدمت كلينتون في مؤتمر صحافي مشترك مع غرايشن وسفيرة واشنطن لدى الأممالمتحدة سوزان رايس التي لديها تحفظات عن السياسة الجديدة، عبارات «التواصل الواسع» و «الحوافز» المحتمل أن تُقدّم إلى الخرطوم في حال تلبيتها الشروط الأميركية. وتفرض الولاياتالمتحدة على السودان عقوبات اقتصادية، وتدرجه ضمن الدول الراعية للإرهاب. وقالت كلينتون إن «تقويم التقدم والقرارات المتعلقة بالحوافز والروادع ستستند إلى تغييرات يمكن التحقق منها على الأرض». وتعهدت «تواصلا واسعا» مع حكومة السودان، لكنها حذرت من اجراءات عقابية في حال لم تف الخرطوم بالتزاماتها. كما تمسكت واشنطن باعتبار الأحداث في اقليم دارفور «ابادة»، على رغم تحسن الوضع هناك، والذي كان سبباً أساسياً في القيام بمراجعة الاستراتيجية. وتقع الاستراتيجية الجديدة ضمن السياسة البراغماتية ونهج الانخراط الذي تسير به واشنطن، والذي يقول مراقبون إنه بات ضرورياً للتعامل مع التطورات في السودان. كما يساعد هذا النهج الإدارة الأميركية في التعاون مع حكومة السودان لمكافحة التطرف، وفي الجانب الاقتصادي التقليل من نفوذ الصين هناك. إلى ذلك، أعلنت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» وأحزاب جنوبية أمس أنها قررت مقاطعة جلسات البرلمان لمدة أسبوع، في محاولة لإجبار الحكومة على وضع جدول زمني لتقديم مشاريع قوانين ترتبط بالإصلاح السياسي والأمني والتحول الديموقراطي.