ترك «تقرير الخريف» الاقتصادي السنوي الذي قدمته ستة معاهد بحوث ألمانية في برلين أخيراً، صدى إيجابياً بعد أن خلص إلى استنتاج واضح بأن الاقتصاد الألماني خرج من ركوده وبدأ مرحلة انتعاش، ولو بطيئة وطويلة، ستكون نتيجتها الأولى خفض النمو السالب للناتج القومي السنوي المتوقع هذه السنة من ستة إلى خمسة في المئة، وتحقيق نمو إيجابي العام المقبل مقداره 1.2بدلا من 0.5 في المئة. وشدد التقرير على ضرورة لجوء حكومة الائتلاف المسيحي الليبرالي الجديدة التي ستشكل قريباً برئاسة المستشارة أنغيلا مركل، «إلى نهج التقشف الصارم»، إنما ابتداء من عام 2011، محذراً من أن تعتمد حتى ذلك الحين «على الانتقائية في خفض الضرائب أو في زيادتها هنا وهناك» لأن النهج هذا سينعكس سلباً على خزينة الدولة. وأكد رؤساء المعاهد الستة ومدراؤها في تقريرهم، صحة المؤشرات والبيانات الإيجابية التي بدأت تبرز منذ ثلاثة أشهر ودلَّت على وصول أزمة المال والاقتصاد إلى قعرها بالفعل، وبدء مرحلة الخروج منها اذ واكبها في الوقت ذاته صعود قياسي لمؤشر الأسهم «داكس»، خرق حاجز ال 5800 نقطة للمرة الأولى منذ سنتين. ولفت التقرير في الوقت ذاته إلى أن التفاؤل المعبَّر عنه له حدوده أيضاً. ونبَّه رئيس معهد الراين ووستفاليا رولاند دورن في هذا الصدد، إلى أن الانتعاش الاقتصادي الحاصل حالياً «لن يكون مستداماً بالضرورة بسبب استمرار وجود كوابح ومحاذير عدة». وتابع أن آفاق النمو الدولية «متواضعة على رغم الانتعاش الجاري في الدول الصاعدة والآسيوية»، مشيراً إلى أن الاقتصاد الألماني لن يستفيد منه لأن ثلاثة أرباع صادراته تذهب إلى دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. واستنتج أن استمرار تعثر الانتعاش في الاقتصاد الدولي سيؤدي إلى زيادة متواضعة في الصادرات الألمانية، ما سيبقي استثمارات الشركات قليلة جداً. وتوقع «تراجع الاستهلاك الخاص أكثر فأكثر في البلاد في موازاة تدهور الوضع في سوق العمل». ورجّح التقرير نمواً نسبته 1،2 في المئة العام المقبل بعد خمسة في المئة سالبة هذه السنة، وارتفاع عدد العاطلين من العمل إلى أكثر من 4 ملايين بعد إنهاء العمل بتدبير الدوام الجزئي، مشيراً إلى أن الدين العام في موازنة العام المقبل سيرتفع إلى 120 بليون يورو، وهو عجز أعلى من خمسة في المئة في الناتج القومي، ما يهدد بتكبيل أيدي الحكومة المقبلة على حد قول الخبير كاي كارستنزن من معهد «إيفو» للبحوث في ميونيخ. وطالب التقرير الدولة بمزيد من التقشف، اذ أشار واضعوه إلى أن من الجيد التفكير بخفض الضرائب لدعم عملية النمو وتشجيع الاستثمار والتنافس وخفض كلفة العمل، لكن لا بد في المقابل من إيجاد تمويل لخزينة الدولة. ووجَّه الخبراء بصورة ضمنية كلامهم إلى الائتلاف المسيحي الليبرالي قائلين «إن على كل من يدعو إلى خفض الضرائب أن يعرض في الوقت ذاته كيف سيغطي العجز الكبير الذي سينتج عن ذلك».