لم يكن أكثر المتشائمين يعتقد بأن عاصفة ريال مدريد المظفرة في الموسم الراهن ستنحسر مطلع عام 2015، وبأن مواطنه وغريمه برشلونة سيعاني مجدداً بعد موسم ماض لم يتذوق فيه للألقاب الرئيسة طعماً. ووسط هذه المعمعة، لم يألُ أتلتيكو مدريد جهداً في سبيل استغلال أية زلة للقطبين، ليمدد عهد سطوته على مقدرات كرة القدم الإسبانية لموسم ثان على التوالي. في العاصمة مدريد، يبدو بأن اللاعبين بلغوا مرحلة التشبع من الألقاب، ويخشى أن يكون الفوز بكأس دوري أبطال أوروبا في الموسم الماضي بعد انتظار دام 12 عاماً كاملة فرض نوعاً من الخمول في نفوس اللاعبين، الذين عانوا ضغوطاً كبيرة لتحقيق «العاشرة». واللافت أن المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي يملك دكة احتياط قوية، وهو ما يستلزمه خوض البطولات كافة بصفة المرشح لإحراز ألقابها، بيد أن الوصول إلى بداية 2015، والتعرض لخسارتين رسميتين أمام فالنسيا في الدوري المحلي (1-2) وأمام أتلتيكو مدريد (صفر-2) في مسابقة الكأس التي يحمل لقبها، يؤكد بأن ثمة خللاً ما في رؤية أنشيلوتي نفسه. صحيح أن «الملكي» عانى أكثر من غيره على مستوى الإرهاق البدني، بعد أن توجب عليه شد الرحال إلى المغرب في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، لخوض غمار كأس العالم للأندية التي توج بلقبها، غير أن ذلك لم يكن مشكلة لفريق مدعم بعدد كبير من العناصر الاحتياطية القادرة على شغل مراكز أساسية. في الأساس كانت هذه هي السمة الغالبة في تشكيلة «الملكي» منذ انطلاق الموسم. صحيح أن شهري شباط (فبراير) وآذار (مارس) من كل عام يشكلان نوعاً من الاختبار الجدي للفرق المقبلة بقوة، إذ غالباً ما تعاني خلال هذه الفترة، إلا أنه يبدو بأن ريال مدريد استبق الأمر رغماً عنه، وبات على جهازه الفني أن يدق ناقوس الخطر، خصوصاً أن الأدوار الإقصائية لمسابقة دوري أبطال أوروبا باتت على الأبواب، وفيها سيلتقي «الملكي» مع شالكه الألماني في دور ال16 في 18 فبراير و10 مارس المقبلين. في المقابل، ساد التفاؤل جنبات «كامب نو» بعد التعاقد مع الأوروغوياني لويس سواريز، وكثر الحديث عن ثلاثي مرعب قوامه الأخير والأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار دا سيلفا، بيد أن الواقع عاد ليؤكد مرة جديدة بأن الفريق الكاتالوني بعيد كل البعد عن إمكان نسخ الحقبة الذهبية التي عاشها في عهد المدرب الفذ جوسيب غوارديولا بين 2009 و2012، عندما حقق النادي 14 لقباً. ولا شك في أن برشلونة سيعاني الأمرين في حال استمرت المقارنة ما بين عهد غوارديولا وعهد من سيأتي على رأس الجهاز الفني للفريق من بعده، وهو ما دفع ثمنه المدرب الأرجنتيني خيراردو مارتينو غالياً، إذ اكتفى بسنة واحدة، قبل أن يجبر على الرحيل بنهاية الموسم الماضي. صحيح أن نيمار حاضر، بيد أن الخشية من رحيل ميسي تعاظمت، خصوصاً أن البرازيلي لم يبلغ الدرجة المتوقعة منه من النجومية، وما زال «يعيش» في ظل النجم الأرجنتيني. وفي حمأة الأزمات الإدارية والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة والتخبطات، كان لا بد من سقوط برشلونة في أرض الملعب، وآخرها في المباراة أمام ريال سوسييداد (صفر-1) في الليغا، وعليه اليوم الاستعداد لتحدٍ جديد يتمثل في مواجهة أتلتيكو مدريد الأحد المقبل في الدوري المحلي في مباراة قد تحدد مسار الفريق. ويتوجب على أتلتيكو مدريد أن يستغل الموقف الذي لا يتوافر دوماً، وينسل بين أنقاض ريال وبرشلونة، ليثبت بالتالي بأن الزمن هو حقاً زمنه، والفرصة متاحة أمامه الأحد المقبل لإضافة الفريق الكاتالوني إلى قائمة ضحاياه عندما يلاقيه في المرحلة ال18، وفض شراكة الوصافة معه لتشديد الخناق على النادي الملكي. وبدا طموح أتلتيكو مدريد واضحاً أيضاً في بداية فترة الانتقالات الشتوية بتعاقده مع «ابنه الضال» فرناندو توريس، العائد على سبيل الإعارة من ميلان الإيطالي، وكذلك صانع ألعاب فياريال روبن غارسيا كالماتشه المعروف ب«كاني»، بموجب عقد إعارة يمتد حتى نهاية الموسم الراهن. واقتفى «روخيبلانكوس» أثر «كاني» صانع الألعاب المميز، الذي ارتدى قميص «الغواصات» في أكثر من 300 مناسبة خلال تسع سنوات، لتعويض رحيل الإيطالي أليسيو تشيرشي إلى ميلان في صفقة تبادلية مع توريس. ظهور خافت لتوريس ظهر فرناندو توريس خافتاً في انتصار فريقه أتليتيكو مدريد (2-صفر) على غريمه المحلي ريال في ذهاب دور ال16 لكأس ملك إسبانيا لكرة القدم أول من أمس (الأربعاء) في مشاركته الأولى مع فريقه القديم. وأحرز راؤول غارسيا هدف التقدم لأتليتيكو من ركلة جزاء في الدقيقة (58) بعد أن عرقله سيرجيو راموس، وأضاف خوسيه خيمنيز الهدف الثاني بلمسة سهلة على إثر ركلة ركنية قبل ربع ساعة من النهاية، لكن توريس كان هادئاً للغاية واستبدل بعد ساعة من اللعب. وصعد توريس في صفوف فرق الناشئين بأتليتيكو، وبدأ مشواره مع الفريق الأول وعمره 17 عاماً، قبل أن ينتقل إلى ليفربول الإنكليزي في 2007، لكن هذه كانت المرة الأولى التي يقف فيها في الجانب المنتصر بقمة مدريد. وقال توريس للصحافيين: «أنا سعيد للغاية بعودتي.. سعيد بالانتصار وبالطريقة التي لعبت بها. الفوز 2-صفر نتيجة رائعة». وأضاف: «اهتزت مشاعري بشدة سواء عند تقديمي (يوم الأحد) أم أثناء هذه المباراة». وأنهى ريال عام 2014 محققاً الفوز في 22 مباراة متتالية، لكن بلنسية هزمه الأحد الماضي، وتنتظره الآن مهمة ولا أصعب حين يستضيف أتليتيكو في لقاء الإياب بمعقله في إستاد برنابيو. وتقاسم الفريقان الألقاب كافة في عام 2014، لكن مباراة القمة افتقدت بعض الإثارة بسبب إراحة الكثير من اللاعبين الأساسيين بمن فيهم مهاجم ريال كريستيانو رونالدو. وقال مدرب ريال كارلو أنشيلوتي في مؤتمر صحافي: «رونالدو كان مرهقاً، لذا اعتقدنا أن الأفضل بالنسبة إليه أن تقتصر مشاركته على جزء من المباراة فقط. هذه ثاني هزيمة لنا، لكني أعتقد أننا سيطرنا حتى ركلة الجزاء».