حذر وزير الداخلية المغربي شكيب بن موسى من أن بلاده «لن تتساهل في مواجهة الأعمال المخلة بالأمن والنظام» في المحافظات الصحراوية. وقال لدى اجتماعه إلى زعماء وشيوخ القبائل في العيون، عاصمة الصحراء الغربية أول من أمس: «لم يعد مقبولاً السكوت على قيام أطراف خصوم باستغلال أجواء الحرية للمساس بالوحدة الترابية»، في إشارة إلى ما كشفته تحريات أمنية وقضائية عن اتصالات جرت بين ناشطين صحراويين وقيادة جبهة «بوليساريو». بيد أن بن موسى شدد على أن مواجهة هذه التجاوزات تتم في إطار التزام واحترام القانون، ما يفيد بمحاكمة هؤلاء الناشطين الذين اعتقلوا الأسبوع الماضي لدى عودتهم من تيندوف جنوب غرب الجزائر. لكن مصادر قضائية أكدت أنهم أحيلوا على محكمة عسكرية في الرباط، في ضوء إقرار محكمة في الدارالبيضاء بعدم دخول متابعة المعتقلين السبعة بزعامة علي سالم التامك ضمن ولايتها القضائية. وعزت مصادر قضائية إحالة المتهمين على القضاء العسكري إلى ارتباط التهم الموجهة إليهم بإقامة علاقات مع جمعيات «معادية»، إضافة إلى تورط مصالح استخباراتية في الملف. غير أنها المرة الأولى التي تنظر فيها محكمة عسكرية في قضية ناشطين يتحدرون من أصول صحراوية. وتجدر الإشارة إلى أن هؤلاء الناشطين زاروا عواصم أوروبية مرات عدة، والتقوا منتمين إلى «بوليساريو»، كما شاركوا في تظاهرات رعتها الجبهة التي تنازع المغرب السيادة على الإقليم، ولم تتم متابعتهم قضائياً. لكن «الأمر يختلف هذه المرة». وفق مصادر رسمية، كون الاتصالات جرت في تيندوف والجزائر، وتزامن تحريك الوضع في الصحراء مع استحقاقات استئناف المفاوضات بين الرباط والجبهة. إلى ذلك، قال الوزير بن موسى إن المغرب يلتزم مواصلة التعاون مع الأممالمتحدة لإنجاح المفاوضات، لكنه شدد على أن اقتراح بلاده منح الصحراء الغربية حكماً ذاتياً موسعاً «يبقى الإطار الوحيد الملائم لإيجاد حل عادل ونهائي للتوتر الإقليمي القائم». وأضاف أن «جهات متنفذة في المجتمع الدولي وصفت الاقتراح بأنه واقعي وجدي وبناء». وأوضح أن «المغرب اقترح هذه الصيغة بعد فشل خطط سابقة» ظهرت استحالة تنفيذها، في إشارة إلى خطة الاستفتاء التي كانت أقرتها الأممالمتحدة في مطلع تسعينات القرن الماضي. لكن جهود انجازها انهارت بسبب خلافات جوهرية في شأن أعداد السكان المؤهلين للمشاركة في الاقتراع وقضايا إجرائية أخرى حالت دون بناء الثقة المطلوبة. وركزت خطة الاستفتاء على وقف النار الذي لا يزال مفعوله سارياً، لكنها رهنت تنظيم الاستفتاء بتحديد هوية الاشخاص المتحدرين من أصول صحراوية، وكذا عودتهم الطوعية للاقتراع في أماكن ولادتهم. وكانت أعمال لجنة تحديد الهوية التي ترأسها الموفد الدولي اريك جونسون حددت أعداد السكان المؤهلين للاقتراع في المحافظات الصحراوية الواقعة تحت نفوذ المغرب بأكثر من 45 ألفاً، فيما يتوزع آخرون بين 30 ألفاً في تيندوف ونحو عشرة آلاف في موريتانيا. ويعود اقتراح صيغة الحل السياسي إلى الوسيط الدولي جيمس بيكر الذي كان تبنى فكرة الحكم الذاتي لفترة خمس سنوات ينظم بعدها استفتاء على المشروع، إلا أن الطبعة الثانية لاقتراحه قوبلت بالرفض ما أدى إلى استقالته.