في غياب مكونات سياسية وشخصيات مهمة داخل «جبهة التوافق»، الممثل السنّي الابرز على الساحة العراقية، أُعلن امس اعادة تشكيل الجبهة تحت اسم «التوافق العراقي» برئاسة «الحزب الاسلامي» وعضوية مكونات عدة ابرزها التجمع الوطني للعشائر برئاسة عمر هيجل، وحزب العدالة التركماني، اضافة الى عدد من الشخصيات السياسية والعشائرية والاكاديمية.وفي بداية المؤتمر الموسع الذي عقدته مكونات الجبهة امس، شدد الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي أسامة التكريتي على «ان قائمة التوافق العراقية بحلتها الجديدة أكثر إيماناً بالإصلاح والتغيير»، وقال: «هدفنا الوصول الى أفضل الصيغ لوضع العلاج للعملية السياسية». وأضاف التكريتي، الذي سيرأس «التوافق العراقي» ان الجبهة لم تدخر جهداً خلال مسيرتها الماضية في مناصرة ابناء شعبنا العراقي، وعملت بكل ما تملك لوضع العلاجات للعملية السياسية»، لافتاً الى ان «رجال التوافق ونساءه يفتخرون بما قدموه من انجازات في وقت عصيب، وآخرها عندما تحمل النائب اياد السامرائي مسؤولية رئاسة البرلمان ونجاحه فيها». وقال: «لقد كان للتوافق الدور المهم في مواجهة العنف المستورد في الوقت الذي عجز كثيرون عن مواجهته، كما كان له دور مشرف في إصلاح ذات البين والمساهمة الفاعلة في مشروع المصالحة الوطنية وتقريب وجهات النظر»، مشيراً الى ان الجبهة دفعت ثمناً غالياً «لم يكن دماً فحسب، انما كان ايضاً نيلاً من سمعتنا ومن اقرب الناس الينا. وقد صبرنا لأننا تحملنا المسؤولية من اول يوم تصدينا فيه للعمل السياسي». وأكد رئيس البرلمان نائب الامين العام للحزب الاسلامي إياد السامرائي «عدم وجود اي خطوط حمر او فيتو على كل المكونات السياسية العراقية الراغبة بالدخول في الجبهة»، وقال في كلمته الى المجتمعين: «اننا في القائمة وعند الشروع بتشكيلها مضينا في اتجاهين، الاول هو تكوين القائمة وإعادة ترميمها ووجهنا الدعوات الى عدد كبير من الشخصيات السياسية ومنهم من استجاب لذلك وهو اليوم معنا، ومنهم من اعتذر لأسباب مختلفة». وأضاف: «اما الاتجاه الآخر، فهو فتح الحوار مع القوى السياسية الاخرى، وما زال الباب مفتوحاً للتحالف مع القوى السياسية للدخول في الانتخابات النيابية المقبلة»، موضحاً «ان البرلمان يبذل جهداً متواصلاً من اجل الوصول الى قانون للانتخابات يتفق عليه الجميع، ومعرباً عن ان يشهد اليومان المقبلان التصويت على القانون الجديد». من جانبه، اعتبر رئيس التجمع الوطني للعشائر عمر هيجل ان قائمة التوافق اليوم اكبر وأقوى من الجبهة السابقة وفيها شخصيات من شمال العراق ووسطه وجنوبه وقد رفعت شعار «كل شيء من اجل العراق» وسنعمل وفق هذا الشعار». ولفت الى ان «غياب البعض عن القائمة اليوم لم يكن بسبب الجبهة انما هو من غيّب نفسه وابتعد عن مبادئنا الاساسية». يذكر ان جبهة التوافق السابقة كانت تتألف من ثلاثة مكونات سياسية سنية بارزة هي: الحزب الاسلامي بزعامة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، ومؤتمر اهل العراق بزعامة عدنان الدليمي، ومجلس الحوار الوطني برئاسة الشيخ خلف العليان، ولم ينضم الدليمي والعليان الى الكتلة الجديدة بعد اعلانهما انسحابهما من التوافق. وقال التكريتي ل «الحياة» ان «الانسحابات التي تعرضت لها الجبهة بلا شك هي كبيرة لكنها لن تؤثر في اداء الكتلة الجديدة وثقلها. لقد انسحب من عندنا اشخاص لكن انضمت الينا تكتلات من كل المدن العراقية، مشيراً الى ان اعلان اليوم(امس) يمثل خطوة اولية ستسبقها خطوات باتجاه توسيع الكتلة». وعلى صعيد التحالفات التي تجريها الكتلة مع القوى السياسية الكبيرة الاخرى، لفت التكريتي الى ان القوى السياسية الحالية تختلف عن سابقاتها قبل اربع سنوات في الانتخابات البرلمانية السابقة من ناحية شكل المشاركة في الانتخابات، اذ «ان هناك اتجاهاً في الوقت الحاضر لتشكيل تكتلات سياسية تختبر نفسها في الانتخابات ومن ثم تبحث عن تحالفات مع القوى السياسية بعد الانتخابات وليس قبلها». ووصف مراقبون الانسحابات التي أُجريت داخل جبهة التوافق بأنها الاقوى التي تعرض لها اي تكتل سياسي عراقي. وإضافة الى انسحاب مجلس الحوار الوطني وبعض اعضاء مؤتمر اهل العراق بالاضافة الى مستقلين كان الانشقاق الاكبر هو استقالة الامين العام السابق للحزب الاسلامي طارق الهاشمي من عضوية الحزب وإعلانه الخروج من جبهة التوافق ليشكل تكتلاً انتخابياً خاصاً به. ويتوقع مراقبون عدم تمكن جبهة التوافق الجديدة من المحافظة على وزنها الانتخابي في الانتخابات البرلمانية بعد بروز عدد من القوى السياسية الممثلة للمكون السنّي بعدما كانت تحتكر ذلك، اذ برزت مجالس الصحوة العشائرية وتشكيلات سياسية جديدة يتوقع لها ان تتقاسم المناصب السياسية التي تمنحها التوافقات بين القوى العراقية على ضوء نتائج الانتخابات البرلمانية المقبلة. وكانت «جبهة التوافق» حصلت خلال الانتخابات البرلمانية السابقة على 44 مقعداً في البرلمان المؤلف من 275 نائباً كما حصلت على منصب نائب لرئيس الجمهورية والوزراء ورئاسة البرلمان فضلاً عن ست حقائب وزارية ابرزها حقيبة وزارة الدفاع، لكن الجبهة دخلت في سجالات حادة مع الحكومة دفعتها الى اعلان الانسحاب من التشكيلة الحكومية بسبب مطالبات التوافق بزيادة تمثيل المكون السنّي في الحكومة والأجهزة الامنية وإعادة النظر في ملف المعتقلين وقانون اجتثاث البعث.