يقود الجمهوريون الذين هزموا الديموقراطيين في انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) الكونغرس الأميركي مجدداً بدءاً من اليوم، وعلى جدول أعمالهم إصلاحات اقتصادية وقوانين للتصدي لقرارات الرئيس باراك أوباما. ويستهل الكونغرس دورته ال 114 بأكبر غالبية جمهورية في مجلس النواب منذ العام 1930، وأول غالبية جمهورية في مجلس الشيوخ منذ عهد الرئيس السابق جورج بوش. وفي طليعة أولويات الجمهوريين إقرار مشروع بناء خط أنابيب «كيستون اكس ال» بين كندا والولايات المتحدة، والذي يتطلب مبدئياً موافقة السلطة التنفيذية لكن أوباما يمتنع منذ ست سنوات عن إعطاء موافقته بسبب معارضة عدد من الديموقراطيين وأنصار البيئة. وسيجعل إقرار المشروع الجمهوريين ينفذون وعد التصويت سريعاً على قوانين تنشئ وظائف. وهم يرون أن النمو الاقتصادي يمر عبر تطوير قطاع الطاقة، وزيادة عمليات التنقيب عن النفط خصوصاً في ألاسكا، وإزالة القيود المفروضة على تصدير الغاز الطبيعي المسيل والنفط الخام، فيما يجري تصدير البنزين والمنتجات المكررة في شكل حر. وكان الكونغرس حظر في السبعينات من القرن العشرين تصدير النفط الخام الأميركي اثر صدمة أزمة النفط. لكن مع فورة الإنتاج الأميركي أخيراً يرى أنصار تحرير التصدير أن هذا الحظر عف عنه الزمن. كما سيُناقش نظام الضمان الصحي الذي شكل أبرز إنجازات الولاية الأولى للرئيس أوباما ويعرف باسم «أوباما كير»، لدى استئناف الدورة التشريعية. ويدعو المحافظون الأكثر تشدداً إلى تصويت رمزي لإلغاء القانون الذي يفرض إلزاماً الاكتتاب ببرنامج تأمين صحي تحت طائلة دفع غرامة. ويرجح تحلي القادة الجمهوريون بواقعية، وينظمون بسرعة عملية تصويت على قانون يرفع من 30 إلى 40 ساعة عمل أسبوعي عتبة الدوام الذي يربط اقتراح أرباب العمل تأميناً صحياً لموظفيهم، ما يجعل الإصلاح يتقدم بخطى صغيرة متتالية». لكن لا يعرف إذا كان الكونغرس سيستطيع الالتفاف على فيتو رئاسي محتمل، والذي لم يستخدمه إلا مرتين خلال ست سنوات ضد تدابير غير مثيرة للجدل كثيراً، في مقابل 12 مرة لسلفه جورج بوش خلال 8 سنوات، و37 مرة لبيل كلينتون خلال 8 سنوات، و365 مرة لفرانكلين روزفلت في 12 سنة. ويُرجح تزايد استخدام أوباما الفيتو في مواجهة كونغرس يسيطر خصومه على مجلسيه، علماً أنه لا يستبعد أن يعود ملف الهجرة إلى طاولته بحلول نهاية شباط (فبراير). ولم يصوت الكونغرس على موازنة وزارة الأمن الداخلي إلا حتى 27 شباط، علماً أن التصويت الجديد بعد هذا التاريخ سيشمل عملية تمويل تمنع ترتيب أوضاع مقيمين غير شرعيين. وفي 20 تشرين الثاني (نوفمبر)، أعلن أوباما عزمه تشريع أوضاع حوالى 5 ملايين مهاجر غير شرعي لبضع سنوات، وهو ما يريد الجمهوريون منعه عبر استخدام سلاح الموازنة، وفق استراتيجية محفوفة بالأخطار قد تؤدي إلى إغلاق إدارات. وفي 15 آذار (مارس)، يواجه الكونغرس استحقاقاً لرفع سقف الدين، على رغم إمكان تمديد هذه المهلة بضعة أشهر. كذلك قد تصطدم محاولة الكونغرس التصويت على عقوبات احترازية ضد إيران قبل انتهاء مفاوضات ملفها النووي بفيتو رئاسي يتطلب التغلب عليه إعادة تصويت مجلسي الكونغرس بثلثي أعضائه، ما يعني ضرورة انضمام ديموقراطيين كثيرين إلى زملائهم الجمهوريين. وتعتبر الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) ملفاً آخر يعتزم الكونغرس التدخل فيه، لكن لا إجماع حول حدود الالتزام العسكري الأميركي في العراق وسورية، ما يترك لأوباما حرية التصرف. إلى ذلك، أعلن النائب الجمهوري المحافظ لوي غومرت من حركة «حفلة الشاي» انه سينافس النائب الجمهوري جون بينر على رئاسة مجلس النواب. جاء ذلك غداة قول زميله الجمهوري تيد يوهو انه يفكر في الترشح ضد بينر الذي يرجح إعادة انتخابه للمنصب الذي يشغله منذ 4 سنوات. وقال غومرت: «تيد رجل صالح قد أمنحه صوتي، لكن أنصاراً كثيرين وأصدقاء في الكونغرس شجعوني على طرح اسمي للمنصب من اجل زيادة فرص التغيير». وانتقد غومرت محاولة بينر الشهر الماضي تمرير قانون إنفاق حكومي قيمته 1.1 تريليون دولار بدعم من بعض الديموقراطيين. وقال إن «المنافسة على رئاسة مجلس النواب لا تدور حول مرشح محدد، بل على إبقاء الوضع الحالي أو تغييره».