تتعالى في شارع الخزان وسط مدينة الرياض غيمة مصدرها محال الشواء ونكهات الملح والتوابل والبهارات، تختفي في عيون المارة ونوافذ العمارات والمركبات والمحال التجارية. وزبائن اصطفوا بمعد خاوية لتناول وجباتهم بأسعارها المعتدلة داخل المحال أو سفرياً، قليل منهم من يتأمل وجه البائع الذي يشوي ويقلب الأسياخ على مدار الساعة، وكأن نصيبه من الحياة مقارعة الدخان بنكهة البصل والبهارات، واختزال ابتسامة أحرقتها قضبان الصاج. تجولت «الحياة» في شارع الخزان والتقت صاحب أحد محال الشواء عيسى محمد، الذي قال إن معظم العمال الذين يشوون في شارع الخزان من الجنسية السورية، وبالتحديد من مدينة حماة، وهم غالباً أقارب أو معارف، مشيراً إلى أنه «معلم مشاوي» منذ أعوام عدة. ويصف عملية الشواء بالفن الذي يحتاج إلى دراية وخبرة، وخصوصاً في عملية جرم اللحم واختيار أصناف التوابل والبهارات والمعايير، مشيراً إلى أنه يستطيع معرفة المشويات التي يعدها من بين عشرات المشويات الأخرى، من خلال رائحة توابلها فقط. وأكد اعامل في محل شواء ،الباكستاني جهان شيخ، أنه عمل أربعة أعوام في العاصمة البريطانية لندن في تنظيف الطاولات وجلي الصحون، قبل أن يسمح له بالشواء، وبعد تمكنه من مهارات الشواء عمل ستة أعوام «معلم مشويات» في لندن، وفرم اللحم للكباب والأوصال، ومعرفة أنواع ومعايير عشرات البهارات، وبعدها حضر إلى السعودية، وما زال يعمل منذ 15 عاماً في الشواء في شارع الخزان. وعن سر لغته العربية باللهجة السورية الصرفة يقول، إن أصحاب المطاعم التي عمل فيها ببريطانيا كانوا من الجنسية السورية، فتأثر بهم، وعن تأثير الدخان على صحته يقول: «الدخان مضر ولكن المطعم له تهوية جيدة». وأكد إبراهيم محمد من مدينة دكا في بنغلاديش، أنه يعمل شوّاء منذ أعوام عدة، إلا أن بعده عن العائلة والأولاد يشوش تفكيره باستمرار.