أهدي هذه القضية إلى أصحاب الحملة «ولي أمري أدرى بأمري» لعلهم يعرفون أن الخلل كبير وأن الجروح كثيرة وتستوجب أن تكون المرأة «قادرة على حماية نفسها» فهذه السيدة الأربعينية أم لثلاثة أطفال هربت أخيراً من جحيم زوجها إلى منزل جيرانها ولم تلجأ إلى «أخوها» لأنه مثل زوجها ولأنه أعادها مرات ومرات إليه على رغم ما أخبرته به عنه وعن سلوكياته معها. وبعض الأزواج بكل أسف «يتهاون» كثيراً مع المرأة إذا ما علم «أن لا ظهر لها» ولا ولي أمر «أدرى بأمرها منها» لأنها الوحيدة التي تعلم وتعاني وتصمت ولا تتحدث إلا عندما تفقد الأمل أن يتحسن الوضع. هذه المرأة التي لجأت إلى جيرانها، ثم لجأت إلى فرع جمعية حقوق الإنسان في المدينةالمنورة عانت من الحرق بالكهرباء وبأعقاب السجائر والضرب المبرح وغيره (الله وحده أعلم به) قبل أن تتمكن من الهروب تاركة أطفالها الثلاثة معه والله وحده يعلم ماذا (سيحدث لهم). الأهم في هذه القضية أن تستمر الصحف في نشر التطورات التي ستحدث فيها حتى يعلم المهتمون بالقضايا الاجتماعية وبالمرأة وما تعانيه النساء في ظل الثقافة السائدة التي لا تستمع لها إلا لو كانت مصابة بالكدمات وعليها أثار التعذيب واضحة وضوح الشمس. ماذا لو... وقعت المرأة بين رجلين وكلاهما ولي أمر، وكلاهما عاطلان أو مدمنان أو لهما أجندة أو مصلحة خاصة بهما، ماذا تفعل؟ وكيف تعيش؟ وكيف تحمي أطفالها؟ أتلقى اتصالات كثيرة من سيدات يعانين من عدم وضوح الإجراءات ويعشن بين وليَّيْن بالمواصفات نفسها المذكورة أعلاه، فإذا اتصلت بالشرطة هاتفياً رفضت مساعدتها، وطُلب منها أن تحضر مع محرمها لتقدم بلاغها؟ وإذا اتصلت بأرقام التبليغ التي لا ترد تعيش الرعب والخوف، وإذا فكّرت بالهرب تترك أطفالها مع الشخص الخطر نفسه، وتظل تناشد وتدعو الله حتى يعود أطفالها إلى أحضانها. المرأة في مجتمعنا مشكوك دائماً في أمرها، فإذا كانت زوجة لمدمن تعاني الأمرّين منه، (لا يقبل طلبها بمعالجته) إلا عن طريق الإمارة على رغم أنها ربما تكون هي وأطفالها المتضررة الوحيدة من إدمانه خوفاً من أن تكون دعوى كيدية، وإذا ارتأت الطلاق ووجدته حلاً لها ولمشكلاتها طلب منها أثبات (إدمانه) بتقرير طبي، وهذا مستحيل حفاظاً على سرية المريض ولأن المحكمة التي تنظر إلى القضية قد لا ترسل هي استفساراً رسمياً عن حالته، وإذا ظلت زوجة له وتنحى (هو) عن الصرف عنها وتقدمت للضمان لا يُقبل طلبها أيضاً لأنها زوجة ولأن الضمان أيضاً يطلب منها الطلب نفسه، وأحياناً يتفضل بإرسال استفسار للمراكز العلاجية، وهذا بالطبع يستغرق وقتاً طويلاً تكون فيه المرأة (عاجزة بكل معنى الكلمة عن إطعام نفسها وتوفير المستلزمات الأساسية لأطفالها)، لأن كل شيء معلق بموقف الرجل وبالقوانين التي لا تمكنها من العيش بكرامة. [email protected]