عقد مجلس الأمن أمس جلسته الشهرية لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط قبل موعدها تلبية لطلب ليبيا، المدعوم فلسطينياً وعربياً ومن مجموعة عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي. وانتقد مندوبا الولاياتالمتحدة وبريطانيا تقرير غولدستون الذي اتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة، عشية إعادة طرحه للتصويت في جلسة استثنائية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ودافع نائب المندوب الأميركي لدى الأممالمتحدة اليخاندرو وولف في كلمته عن «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، معتبراً أن الاتهامات التي تضمنها التقرير «ليست من عمل مجلس الأمن». وذكر بتحفظات واشنطن عن التقرير، لكنه قال: «رغم ذلك، نأخذ المسألة بجدية». واعتبر أن «حركة حماس منظمة إرهابية، وبالتالي فإنها تحت مراقبة أقل من إسرائيل، كونها دولة، عندما يتعلق الأمر باحترام القانون الدولي». وطالب ب «إجراءات في الضفة الغربيةوغزة لوقف التحريض». واعتبر أن «الأعمال الإرهابية كالتي تقوم بها حماس ليست مقاومة للاحتلال ولن تؤدي إلى جلب» الحقوق الفلسطينية. وأكد ضرورة وقف تهريب السلاح إلى غزة. أما السفير البريطاني جون سويرز، فاعتبر أن التقرير «لم يعترف في شكل كاف بحق إسرائيل في أن تدافع عن مواطنيها ولم يهتم بأسلوب كاف بأفعال حماس، لكن المسائل التي تثير القلق في التقرير لا يجب تجاهلها». وشدد على أن «لإسرائيل حق حماية مواطنيها، لكن وفق القوانين الدولية». وحض الدولة العبرية على القيام «بتحقيق كامل وموثوق وعادل» للتطرق إلى الاتهامات في التقرير. وشدد على أهمية حل الدولتين «في إطار حدود العام 1967، على أن تكون القدس عاصمة للدولتين، وإيجاد حل عادل للاجئين». وألقى مندوب السويد كلمة الاتحاد الأوروبي التي شددت على التزام أوروبا ب «مكافحة الافلات من العقاب». وقال: «على هذا الاساس، نطالب الطرفين بالالتزام الكامل بالقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي. ونؤكد أهمية إجراء تحقيقات مناسبة وذات صدقية في احتمال انتهاك حقوق الانسان من قبل طرفي النزاع». وشدد على ضرورة أن «يضمن مجلس حقوق الانسان» مراقبة هذه الإجراءات، «خصوصاً عبر تقويم ما إذا كانت هذه التحقيقات ذات صدقية». وأضاف: «نحن ملتزمون بتقويم التقرير وتوصياته ببالغ الجدية». واتخذت الجلسة طابعاً تمهيدياً لعودة تقرير غولدستون إلى المنظمة الدولية في نيويورك في أعقاب تناوله في مجلس حقوق الإنسان في جنيف اليوم، علماً أن التقرير أوصى مجلس حقوق الإنسان بإحالة الاتهامات التي تضمنها على مجلس الأمن، لوضعها أمام المحكمة الجنائية الدولية إذا رفضت إسرائيل وحركة «حماس» إجراء «تحقيقات ذات صدقية». وخاطب وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي مجلس الأمن، مؤكداً أن «السعي إلى المساءلة عن ارتكاب جرائم حرب سيخدم قضية السلام في شكل أفضل على المدى البعيد». وقال إن اجتماع مجلس حقوق الإنسان سيعقد «بناء على مبادرة فلسطينية... لتصحيح الخلل الذي وقع قبل أسبوعين في جنيف... وكلنا أمل بأن يقوم المجلس باعتماد التقرير وتحويله إلى أجهزة وهيئات الأممالمتحدة المعنية تماشياً مع التوصيات الواردة في التقرير». ودعا «مجلس الأمن إلى الاضطلاع بمهماته»، كما طالب الجمعية العامة للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية والأمين العام للأمم المتحدة والمفوض السامي لحقوق الإنسان والمجتمع الدولي بأن «يعملوا معاً بناء على التوصيات الواردة في التقرير بمقتضى أدوارهم ومسؤولياتهم في هذا المضمار». وتحدى من يشكك في نزاهة التقرير والقاضي ريتشارد غولدستون وزملائه في بعثة تقصي الحقائق، وقال إن «هؤلاء من الشخصيات القانونية البارزة وسجلاتهم لا تشوبها شائبة ويتسمون بالنزاهة والكفاءة المهنية التي لا يمكن لأي شخص أن يطعن فيها". غير أنه أكد «رفض أي معادلة بين العدوان والجرائم التي ترتكبها السلطة القائمة بالاحتلال وبين الأفعال التي يقوم بها الجانب الفلسطيني». واعتبر أن التقرير يوفر «قوة ردع كبيرة، وهناك ضرورة حتمية لمتابعة جادة ومسؤولة على جميع المستويات». وردت السفيرة الإسرائيلية غابرييلا شاليف أمام المجلس، قائلة إن التقرير «يضفي الشرعية على الإرهاب» و «يسمح للإرهابيين بأن يجعلوا من المدنيين ضحية عبر استخدامهم دروعاً». ورأت أن مناقشته في مجلس الأمن «مدمرة لعملية السلام»، لأن «التقرير يحرم إسرائيل من الدفاع عن مواطنيها». ولفت وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية لين باسكو إلى أن «التوتر بين الفلسطينيين تصاعد بعد تأجيل البحث في تقرير غولدستون» وأدى إلى «تحريضات كثيرة ضد الرئيس محمود عباس من قبل حماس وتظاهرات عامة». وقال إن الأمين العام كان دائماً يدعم أعمال لجنة غولدستون، «وحيث تقع النزاعات، يجب أن تتبعها العدالة والمحاسبة». ودان نائب مندوب روسيا الدائم قسطنطين دولغوف «جميع الانتهاكات أثناء الحرب في غزة». ووصف التقرير بأنه «عمل مهم»، لكن التوصيات «تتطلب النظر فيها بصورة أعمق وبصورة متوازنة». وأعرب عن القلق مما يجرى في المسجد الأقصى، مشدداً على خطورته، فيما لوحظ أن المندوب الصيني لم يأت على ذكر التقرير وتوصياته في كلمته بصورة مباشرة. وطالبت منظمة «العفو الدولية» في رسائل إلى سفراء الدول الأعضاء في المجلس الأمن إنشاء لجنة مستقلة من خبراء قانونيين دوليين لمراقبة الإجراءات المحلية التي يجب على إسرائيل وحكومة «حماس» أن تقوم بها «بشفافية»، وللتأكد في إطار زمني محدد، من تقدم الطرفين بإجراءات وتحقيقات ذات فاعلية تتوافق مع القانون الدولي. في غضون ذلك، وقعت حركة «فتح» رسمياً أمس وثيقة المصالحة المقترحة من مصر، وأرسلت عضو لجنتها المركزية عزام الأحمد إلى القاهرة لإبلاغ للقيادة المصرية، واعتبرت أن «من لا يوقع يتحمل المسؤولية أمام الشعب الفلسطيني»، في إشارة إلى حركة «حماس» التي يعلن رئيس حكومتها المُقالة إسماعيل هنية اليوم في خطاب ردها النهائي على اقتراح القاهرة.