في كل صباح تزور نور الأحمدي (25 عاماً) والدتها في الغرفة المجاورة قبل ذهابها للجامعة، تردد «ستشفين يا أمي بإذن الله تعالى»، تنظر لها أمها باسمة «ستعالجين الناس قريباً»، توفيت أم نور من معاناة مرض السرطان وكانت تحلم بالنجاح لابنتها وتخصصت نور في العلاج بالترفيه لحبها لمساعدة الناس. تخرجت نور قبل أربعة أعوام، وهي تعمل اختصاصية علاج بالترفيه بمدينة الأمير سلطان للخدمات الإنسانية، وما زالت تقدم المساعدة والدعم لجميع ذوي الاحتياجات الخاصة، والتحقت بدورات العلاج بالفن التشكيلي والصلصال الإكلينيكي وفن الاسترخاء والديكور، ودبلوم ألعاب الأولمبياد الخاص لذوي الاحتياجات الخاصة، وقدمت ندوات لدعم المرضى، وأقامت عدداً من المعارض، وتطمح إلى دراسة الماجستير خارج السعودية. على رغم حبها للفن التشكيلي فهي تحب تعليمه لجميع المرضى المصابين بالشلل النصفي أو الرباعي، والجلطات الدماغية، وإصابات الولادة، خصوصاً الحالات النفسية المختلفة، إذ يساعد في علاجهم بشكل لافت، تقول: «أحب مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة ليستطيعوا الدخول في المجتمع، وهذا الأمر يدعمهم نفسياً ومعنوياً وحركياً، وعملي معهم هو الأقرب لشخصيتي، خصوصاً بعد وفاة والدتي، رحمها الله، جعلني ذلك أخوض في برامج التأهيل المختلفة، وتعرفت على جميع الإعاقات والجلطات الدماغية وأثار الحوادث والأمراض التي تنتج من الولادة والتشوهات، وكيف يمكن المساعدة في التأهيل عن طريق الفن التشكيلي، والحمد الله لم تواجهني أي حالة صعبة». لم يخطر على بال نور مساعدتها لرجل مصاب بإعاقة بصرية في إنجاز ناجح، حينما دخل هذا الرجل برنامج العلاج بالفن التشكيلي، وشارك في جلسات التشكيل بالطين والخزف، وحقق تفوقاً كبيراً وسط المرضى المعالجين: «لقد كان الرجل مفاجأة بالنسبة لي لتحديه نفسه أولاً، ودعمه، إذ يقوى من خلال التدريب الإحساس بيديه ويستطيع التمييز بين الأشياء إذا كانت ساخنة أو باردة أو دافئة، والتمييز بين ملمس الأشياء الخشنة والناعمة وغيرها، وعلى رغم أنه لم يوافق على التجربة إلا أنه حقق النجاح الباهر بداية الأمر في ثلاثة أشهر، والتحق أخيراً بجمعية المكفوفين وحالته جيدة». وتتابع:« لا فرق في العلاج بين الرجل والمرأة، وأحياناً اواجه صعوبة في علاج كبار السن، ولكنهم بعد فترة يقتنعون بفكرة العلاج ويبدؤون، على رغم رفضهم الشديد لفكرة العلاج القائمة على الترفيه، ولكن دمجهم في الجلسات ومحاولة إقناعهم ساعدت كثيراً في تخطي هذه العقبة». ظلت نور تساعد المرضى بجميع المهارات، بالحرف اليدوية والرسم، ولعبة التنس والسباقات ولعب الطاولة، التي تساعد في زرع روح الجماعة والحركة، وأهم أهدافها خروج المصاب للمجتمع بشكل أكبر. وتستطرد: «أطمح إلى فتح مركز خاص بذوي الاحتياجات الخاصة ليتعلموا فيه نشاطات ومهارات معينة، من خلال طرح فكرة مشروعي لصندوق المئوية الذي يدعم الشباب السعودي، خصوصاً إذا كان شباباً من ذوي الاحتياجات الخاصة».