عندما حذّر عالم إيطالي من وقوع زلزال اتهم بإثارة الهلع. بعد أسابيع ضرب الزلزال وسط إيطاليا مدمراً إياها وما زالت تعيش مأساة إنسانية مروّعة، ما أحدث خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، وكنت أظن أن استخدام دروع دفاعية مثل «إثارة الهلع والبلبلة» من خصوصيات العالم الثالث، ويبدو أن قرب إيطاليا النسبي من الشرق الأوسط له دور في ذلك. تهمة «إثارة البلبلة»... والهلع وأخيهما الذعر التي يستخدمها البعض لفرض أسوار وأسلاك شائكة حول مواقعهم تُشابه في شكل من أشكالها أسطوانة نصف الكأس الممتلئ، الأخير يستخدمه البعض مثل ساعة رملية... يمكن قلبها رأساً على عقب عند الحاجة! في ضربة زلزال لا شك رد قوي مأسوي ربما ينصف العالم الإيطالي... أقلها معنوياً، خصوصاً أنه جرى إسكاته من جهات حكومية هناك كما ذكرت الأخبار، إنما في شؤون أخرى تحدث هزات خفيفة بضربات متعاقبة تتوالى مثل موجات تصيب فئات وتستثني شرائح أخرى، فيستمر البعض في التمترس وراء دروع «إثارة البلبلة» الكرتونية. **** الأخ الكريم محمد المحيميد يقدم اقتراحاً - متفائلاً - لتخفيف أثقال الديون وارتفاع كلفة المعيشة على المواطنين، فمع تأخر صندوق التنمية العقاري في الوفاء بالحاجات المتزايدة وضعف المبلغ الذي يوفره، يقترح القارئ أن تقدّم البنوك «التجارية» قروضاً سكنية للمواطنين - من دون فوائد - وذلك بأن تتنازل مؤسسة النقد عن حصتها من نسبة الفائدة، فيما تتحمل الدولة بقية النسبة عن المواطن الذي يلتزم بسداد مبلغ القرض كاملاً. أما أن تتنازل مؤسسة النقد فهذا ليتر كامل الدسم من حليب العصافير، ومثله أن تبادر في طرح أفكار للتخفيف عن المواطنين، هي كما تعلم أخي العزيز مشغولة بالتأكيد دائماً على متانة البنوك، أما ماذا تقدّم الأخيرة وكيف تقدمه وما هي كلفته، فهذا أمر آخر تجده في النصف الفارغ من الكأس. لا أشك في أن البنوك سترحب بتحمل الدولة أي فوائد على المواطنين في مقابل أن ترفع النسبة بالطبع، وفي موضوع ذي صلة كنت قرأت مقالاً للزميل الأستاذ محمد آل الشيخ في «الجزيرة»، يشكر فيه رجل الأعمال سليمان الراجحي على اقتراح، نقلته عنه الصحيفة، يتمحور حول «تفكير» البنوك بجدولة الديون على المواطنين، لم تكتمل 24 ساعة إلا وصدر نفي صريح صارم من رجل الأعمال، فالموضوع أو الاقتراح لا أساس له من الصحة و... الفوائد. الحقيقة أنني دهشت - وقتها - أن تنبع - مثل نافورة - فكرة جميلة مثل ذلك... وتصدر من البنوك! وعندما صدر النفي تراجعت الدهشة، الزميل مطالب بأن يخبر قراءه بالنفي، أما الاقتراح فهو أن «تجبر» البنوك على جدولة الديون، خصوصاً المواطنين المعسرين منهم وأصحاب الدخول المنخفضة... فهذا من المسؤولية الاجتماعية قبل الاقتصادية... وآثار القروض والإعسار كما نراها مزعجة... لكن من يجبرها؟