الجلوس بالخلف وتوجيه النقد الجارح الذي قد يصل إلى حد الوقاحة، والتفنن بالقذف والحذف، والترصد لكل من يسقط أو يهفو أو يكبو، هو أمر من أسهل الأمور التي يمكن القيام بها في الحياة، فهي أمور لا تحتاج إلى علم ولا لثقافة ولا لحكمة وفي كثر من الأحيان أيضاً لا تحتاج حتّى إلى التربية ولا للأدب... بينما تجد أن النقد البنّاء والإيجابي، الذي يرجى من ورائه ردود فعل إيجابية وبنّاءة، والصبر على المخطئين، والحلم على المقصرين، وتقديم الحلول الفعّالة والمعقولة، هي من الأمور التي تحتاج إلى جهد كبير، وخبرة عميقة، وعلم كاف، وثقافة جمّة وأدب وتربية بقدر كبير يعطي الناقد الوازع الكافي لينتقد برقيّ وفعالية... كلنا يمر بحالات غضب، وانفعال وتوتر، بل وقهر على اخفاقات وأخطاء معيّنة. ولكن كثير منّا يخفق بالتعامل مع هذه الحالات وذلك بالتعامل معها على مبدأ «أنا ولد من يشق ويرقع». وبعضنا الآخر، وهم قلة، يتعاملون مع هذه الحالات على مبدأ «أنا ولد من يثمنها قبل تقع»... كثير ما تثبت لنا القصص التي نعيشها أو نسمع بها أو نقرأها، أن استخدام العقل دائماً ما يعطي نتائج أفضل من استخدام القوة والعضلات. ليس فقط في الأوساط الرياضية فحسب، ولكن في كل مجالات الحياة بلا استثناء. بل وتجد أنه حتى لو كان هناك خطأ بالتعامل مع هذه الأمور، تجد أن الخطأ باستخدام العقل، يمكن إصلاحه بكلفة أقل من الخطأ باستخدام العضلات! والصواب باستخدام العقل، يمكن الوصول اليه بطرق أسهل وأقل كلفة من استخدام القوة والعضلات... والأمثلة كثيرة. ولذلك، أرى أن تعامل الكثير من النقاد الرياضيين مع أي أخطاء أو إخفاقات لأنديتنا أو حتى اتحاداتنا الرياضية، تعامل يجرح أكثر مما يصلح، ويهدم أكثر مما يبني. بل ويستفز المسؤولين عن هذه المؤسسات لتخرج بهم بتصرفات سلبية رغماً عنهم. لن أتطرق للأندية ولكن الأجدر أن أتحدث في هذا الصدد عن أخطاء وإخفاقات الاتحادات الرياضية المختلفة، التي أصبحت تمر في هذه الفترة، بصعوبات كبيرة، حجّمت من سمعة المملكة رياضياً. في رأيي، أن المسؤول عن هذه الإخفاقات، هو ليس المؤسسة الرياضية المتمثلة في الرئاسة العامة لرعاية الشباب. بل أرى أن الرئاسة، يجب أن تكون آخر من نلومه لهذه الإخفاقات. والحقيقة، أن اللوم يقع على شريحة كبيرة من الجهات الرسمية الأخرى، التي من البديهي أن يكون لها واجبات أساسية لتجهيز الشباب لهذه المؤسسة الرياضية. أهمها هي وزارة التربية والتعليم، ووزارة الصحة، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، بل ووزارة الداخلية. فجميع هذه الوزارات يجب أن تنسق في ما بينها لإخراج أجيال من الشباب، الذين يتمتعون بأبدان وعقول صحيحة. متى آخر مرة تم تسخير جميع المنشآت الرياضية المدرسية والحدائق العامة والشواطئ لتصرف الرئاسة العامة لرعاية الشباب على مدار السنة، على الأقل لتدريب ناشئي الأندية الذين لا يستطيعون أن يقطعوا عشرات الأميال لحضور التدريبات في الأندية (بما في ذلك من مخاطر مختلفة). ومتى آخر مرة كان هناك تعاون بين وزارة التربية ووزارة الداخلية بتوفير حماية مركزة لهؤلاء الأطفال وقت تدريبهم بل وحماية للمنشآت التي يستخدمونها من عبث العابثين؟ متى آخر مرة قامت وزارة الصحة بعمل حملات شهرية أو حتى نصف سنوية بعمل مسح طبي شامل لجميع التلاميذ والطلبة في هذه المدارس ومتابعة الحالات بملفات طبية منظمة لكل طالب وطالبة؟ ولذلك، يجب أن نعي، بأن أي إخفاقات رياضية تحدث لمنتخباتنا الرياضية المختلفة، وأي تأخر نراه عن ركب الدول المجاورة، هو إخفاق آخر من يلام فيه، الرئاسة العامة لرعاية الشباب. لأن اليد الواحدة، لا تصفق، ولن تصفق. والنقاط أعلاه، لها تفاصيل مملة، ولكن لا يمكن حصرها إطلاقاً في مقالة ذات 500 كلمة. بل تحتاج لكتاب ب 500 صفحة، على الأقل. [email protected]